إسراء النجار
“الشهرة.. النجاح والأضواء.. المستقبل، كل ده حلمنا بيه سوا، جرينا ورا حلمنا بأقصى سرعة، مهربناش، واجهنا والمواجهة فرصة تختبر فيها قوتك، الرجولة لما تقع تقوم بسرعة وتكمل، ولما الأبواب تتقفل في وشك متستسلمش”، هكذا افتتح الفنان محمد رمضان، قبل أيام، إعلان الحملة القومية لمكافحة المخدرات التي حملت شعار “قوتك إنك تقول لأ للمخدرات”. الإعلان الذي ظل “رمضان” يتحدث فيه عن أهمية تحديد الهدف والاقتراب من الحلم وهزيمة الإحباط من خلال مشاهد تمثيلية عن مشواره، كان أقرب للسيرة الذاتية منه إلى حملة التوعية لمواجهة الإدمان.
ويكمل الفنان في الإعلان: “كنا عارفين أن الظروف صعبة والطريق مش سهل بس أنا موقعتش وقولتلها لأ من غير ما أفكر وجريت ورا حلمي، وهو ياريت كان قالها لأ، صدقني يا صاحبي أوعى تسلم نفسك للمخدرات، صدقني مش رجولة”، كلمات لا شك أنها صادقة ولكنها في غير محلها، ولم تحقق الهدف الأساسي من الحملة، رغم أن “رمضان” حاول الوصول للشباب المستهدف باستخدام كلمات مثل “رجولة”، و”ياصاحبي”.فالحملة أقرب لإعلانات المشروبات الغازية، التي تقدم مشاهد من حياة النجم وتختصر مسيرته لنرى في الأخير شعار المنتج، وهو ما قدمه اللاعب المصري المحترف في نادي روما الإيطالي، محمد صلاح مؤخرًا في حملة “يلا تقدر”، مع شركة “بيبسي”، فلا يوجد فارق بين إعلان “صلاح” و”رمضان” سوى الخاتمة.
نجم الشباك والفنان الموهوب يقود حمله نفسية لتصحيح صورته أمام ذاته، قبل جمهوره، خاصة بعد الظهور الإعلامي المكثف في أواخر عام 2015، إذ أجرى ما يقرب من 4 لقاءات تلفزيونية مطولة ومتتالية واستقبل اتصالات هاتفية كثيرة من جمهوره الذي عاهده بأنه سيرى “رمضان جديد”، كما كان دائم الحديث عن أنه كان مجبرا على أفلام “عبدة موتة”، و”قلب الأسد”، و”الألماني”، لأنه كان في بداية حياته الفنية وليس لديه القدرة على الاختيار، مطالبًا الجمهور أن يحاسبه بدءًا مما هو آت.
توقيت الإعلان وفكرته يكشف حالة القلق والتردد الفني التي يعاني منها “رمضان” خاصة أنه عاد بعد ذلك وقدم نفس وصفة “البلطجة” مع بعض الاختلافات الطفيفة في فيلمه الأخير “شد أجزاء”، وأيضًا بعد التصريحات الصحفية التى أدلى بها مؤخرًا مؤكدًا اعتزازه بأفلامه، التي حققت نجاح جماهيري كبير ونقلت الواقع ولكنها لم تصنعه، إذ أنالفنان الذي حيرته أعماله السابقة ما بين فخره بها تارة، وتبرئه منها كثيرًا، يعانده الممثل الموهوب المختلف الذي يحيا داخله، فهو يريد أن يملك كل شئ، يتمسك بالإيرادات والجماهيرية الكبيرة التي حققها وفي ذات الوقت هو يعلم أنه مازال محبوس إبداعيًا، ولم يقدم ما يشفي غرور الفنان، فيلجأ إلى حيل مسكنة من ظهور إعلامي وإعلاني.
النجم الذي أصبح يشكل خطرًا جماهيريًا على كثيرين وانتزع أعلى المشاهدات دراميًا في مسلسله “ابن حلال” في موسم رمضان 2014، لابد أن يعي أن الجمهور أحب كاريزما الفنان ودعمه، وينتظر منه مزيد من الانطلاق والابداع وتقديم فن حقيقي، ولا بد أن يدرك أيضًا أن الاختلاف لا يعني تقديم أدوار محمودة أخلاقيًا ومقبولة اجتماعيًا، مثل الضابط والطبيب، لأن تقديمها في ذات القالب التجاري البحت، الذي يتفه قيمة الفن ويلهث وراء الإيرادات والشخصيات المنحوتة يقتل موهبته.
وأخيرًا الفنان الشاب غير مجبر على التبرؤ من أدوار البلطجة التي قدمها، فالبلطجي والمدمن ورد السجون كلها شخصيات إنسانية جديرة بالتجسيد، ولكن في عمل راق يكشف انفعالتها وأحزانها وأفراحها بعيدًا عن الافتعال والمبالغة، أما إذا كان يريد تصحيح صورته للجمهور، فعليه بمزيد من التحرر والإبداع مستحضرًا مثلًا روح الراحل العظيم، أحمد زكي، الذي جسد دوره “بطريقته” قبل 10 سنوات في مسلسل “السندريلا”، قائلًا في أحد المشاهد: “لو بطلنا تمثيل نموت”.
اقـرأ أيـضـًا: