فاتن الوكيل
دائمًا ما كان يُردد أعداء ثورة 25 يناير، بأنها “الثورة التي انطلقت من السايبر”، في إشارة إلى أنها تحرك مندفع من بعض “شباب الإنترنت”، وليست نتاج تحرك شعبي حقيقي، وهو ما كان يُرد عليه، بأن “يناير”، هي لحظة انفجار الشعب، في وجه فساد وظلم، دائم لأكثر من 40 عام، بالإضافة إلى أنها نتاج طبيعي لصرخة حركة كفاية في الشارع، منذ تأسيسها عام 2004، وهتاف أعضائها لأول مرة “يسقط حسني مبارك”.
ولكن في ذات الوقت، لم يُنكر أنصار الثورة، الدور الكبير الذي لعبه الإنترنت، وخاصة شبكات التواصل الاجتماعي، حتى أنها ربما تكون الثورة الوحيدة التي نظم لها “إيفينت” على فيسبوك، ليترجم ذلك على الأرض باندفاع عشرات الآلاف إلى الميادين يوم بدء الثورة، كما أن النظام السابق اعتقد أن قطع خدمات الإنترنت سيؤثر عليها.
وبعد خمس سنوات من ثورة يناير، مازالت شبكات التواصل الاجتماعي، هي الساحة الممهدة لهذا اليوم، حيث شهدت مواقع التواصل “ثورة هاشتاجات”، بدأها “هاشتاج” مؤيد للثورة تحت اسم “#أنا_شاركت_في_ثورة_يناير”، بعد أن وجد الكثير من الثوار، أن مجرد الاعتراف بالمشاركة في الثورة، أصبح اتهاماً جاهزا، بالرغم من الاعتراف الدائم والمتكرر من الرئيس السيسي، بأنها “ثورة شعبية” حقيقية، وهو ما ظهر من تغريدات عديدة، حملت هذا المعنى.
العديد من الشخصيات العامة، شاركت في الهاشتاج، مؤكدة على فخرها بالمشاركة في ثورة يناير، والبعض الآخر علق على الهاشتاج نفسه دون المشاركة فيه، كما أن انتشار الهاشتاج الكبير، قبل عدة أيام من ذكرى الثورة، دفع إلى إنشاء صفحة مستقلة له على موقع فيسبوك.
ومن الإعلاميين المشاركين في الهاشتاج، الإعلامية منى سلمان التي قالت: “لم أكن في مقدمة الصفوف و لا أدعي بطولة , لكن قلبي كان يسبقني ليتعمد في طهر الميدان”.
أما الإعلامية جيهان منصور فكتبت: “بكل الفخر والوطنية وعشق تراب مصر”.
أما الإعلامي خالد تليمة، فأكد على فخره بالمشاركة في ثورة يناير، وكتب: “أعظم وأنبل حاجة ممكن اعملها في حياتي..المجد لكل نقطة دم ونقطة عرق بُذلت عشان بلدنا تبقى أحسن.. وهتبقى”.
وكتب السياسي حمدين صباحي قائلًا: “رب اوزعنى أن اشكر نعمتك التى انعمت على ، واعظمها نعمة وشرف الاسهام فى الثورة”.
بينما قالت ابنته الإعلامية والمطربة سلمى صباحي: “أعظم وأنبل وأشرف وأجمل وأوجع وأسعد وأهم وأنضف وأرقى وأغرب وأصدق وأصعب وأدفى 18 يوم في حياتي”.
أما الصفحة الرسمية للإعلامي، محمود سعد، فقد نشرت فيديو لسعد يوم 29 يناير، وهو يؤكد أن “شباب مصراللى كانوا بيقولوا عليه شباب بايظ ..شباب مصر طول عمرهم رجالة”.
التغريدات في مجملها، تجاوزت فكرة الدعوة إلى التظاهر في الذكرى الخامسة ليناير، إلى الكتابة بحنين وشوق إلى “حالة” الـ 18 يوم، فالبعض كتب عن ذكرياته مع الثورة، والبعض الآخر، كتب بغضب عن أن “روح الميدان” لم تعد موجودة، بعد أن تجرأ أصحاب المصالح مع أنصار النظام السابق، خاصة في الإعلام، على سب 25 يناير ليل نهار.
أما ما يُلفت النظر، حول مشاركة عدد كبير من الشخصيات العامة، وبعض الإعلاميين، هو أن ذلك يؤكد تقلص مساحة حرية الرأي على الشاشات، مما جعلهم ينجرفون في كتابة كلمة “شاركت وأفتخر”، بعد الحملات التي تُشن ضد أي مناصر للثورة.
ولكن إذا نظرنا بشكل عام، على تحركات السوشيال ميديا قبل الذكرى الخامسة لثورة يناير، فسنجد ان هناك ما يشبه “حرب الهاشتاجات”، والتسابق لأن يكون كل منهم “تريند”، أو أكثر تفاعلًا، بدأت بتدشين الهاشتاج المؤيد للثورة، ثم جاء الرد سريعًا ليدشن أنصار الاحتفال بيناير على أنه “عيد الشرطة فقط”، هاشتاج “#افتكروهم_يوم_عيدهم_25يناير”، ثم تبعه هاشتاج “#أنا_مشاركتش_في_ثورة_يناير”.
الحساب الرسمي لقناة “صدى البلد”، على موقع التواصل “تويتر”، شارك في هاشتاج “افتكروهم يوم عيدهم”، حيث نشر صور لعدد من ضباط الشرطة، وهم يوزعون ورودًا على المواطنين، مع تعليق : “أحمد موسى يطلق هاشتاج افتكروهم يوم عيدهم”، بالإضافة إلى الدعوة للمشاركة عليه، مما يجعلهم متبنيين “الهاشتاج” بشكل رسمي.
ووسط هذه التغريدات المؤيدة والرافضة للثورة، وتعدد الهاشتاجات، فضّل الإعلامي شريف عامر، أن يتجه إلى التحليل، والتعليق على الهاشتاج نفسه، دون المشاركة فيه، ومحاولة كتابة رأي موضوعي، حيث قال: “على هامش ال”هاشتاج”: ١-يناير لا تحتاج دفاع او تبرير. قبل يناير لم يكن ليستمر. ٢-الأصغر والأكبر في هذا البلد يعرف ذلك.٣- الإنكار مشكلة صاحبه”.
وتابع: “المشاركة في “ثورة” لم ولن تكون بالنزول المباشر للشارع. من ملئوا الشوارع،كان ورائهم أكثر منهم بالدعوة والقلق والرجاء في حال أفضل للجميع.
وفي النهاية، إذا استبعدنا التغريدات التي دائمًا ما “تصطاد في الماء العكر”، من قبل الحسابات المؤيدة لجماعة الإخوان، والتمسح في هاشتاجات الثورة، مع كل مناسبة تتعلق بها، لا يسع المتابع، خاصة من يعتبر نفسه “ثوريًا”، مؤمنًا بالحرية، إلا أن يقبل بتعدد الآراء حتى وإن لم يكن راضيًا على الكثير منها، طالما خلت من التحريض أو السب، خاصة وإن كانت آراء متداولة على مواقع التواصل، التي طالمًا وجدها منفذًا للتعبير عن الرأي.