أشرف أبو الخير يكتب : الوكيل الإعلامي

ملحوظة: هذا مقال به القليل من الشائعات، والكثير جداً من الحقائق.

لأسباب تتعلق بأنني أعمل بالإعلام، وحبي اللانهائي لفكرة تقاضي راتبي مطلع كل شهر، فإنني تركت السوق الإعلامي المصري بكل مافيه من تخبط نعرفه جميعاً، لأعيش منذ مايقرب من خمسة أشهر في المملكة الأردنية الهاشمية.. الجميلة، وصحيح أن حجم السوق هنا بالأردن لا يمكن مقارنته أبدا بحجم السوق الإعلامي المصري، إلا أن السوق هنا منظم، وواعٍ، ويسير بخطا ثابتة بهدف الوصول إلى مستويات أفضل مما يحدث بمصر والخليج باعتبارهما أكبر الكيانات الإعلامية العربية… وهنا أسوق لكم مثالاً واحداً فقط مما يعيشه الإعلام الأردني، هو الوكيل الإعلامي.

شائعة: في يونيو الماضي، تساءل أحد أعضاء مجلس النواب الأردني في غضب شديد عن صحة المعلومة التي وصلته، ومفادها أن الإعلامي “محمد الوكيل” يتقاضى راتباً قدره أربعة وأربعين ألف دينار أردني شهريا.. وهو مبلغ يقترب من النصف مليون جنيه مصري… في الشهر!!

“برنامج الوكيل”.. هذا هو اسم البرنامج الذي يقدمه “محمد الوكيل” صباح كل يوم على راديو (هلا) التابع للقوات المسلحة الأردنية، البرنامج له شعبية طاغية هنا، لم يمر يوم واحد دون أن أستمع إلى صوت الرجل يأتيني من راديو التاكسي، باستثناء الأيام التي غاب فيها الرجل لدواعي المرض أو السفر، فاستمعت مع السائقين إلى برامج أخرى شبيهة ومقلدة لبرنامج الوكيل… نحن هنا نتحدث عن الغالبية الكاسحة من المواطنين الذين يخرجون إلى أعمالهم في الصباح ويستمعون إلى الرجل بمنتهى الولاء والاهتمام والانصات.

حقيقة: أنا لا أعمل مع الأستاذ “محمد الوكيل” ولم أتشرف بلقاؤه أو لقاء أي شخص يعمل معه.

wakeel 3

 

والحقيقي جداً، أن الصفحة الرسمية للرجل على فيسبوك عليها ما يقرب من 6 ملايين متابع، في بلد تشير التقديرات غير الرسمية إلى أن تعداد سكانه (مواطنين و وافدين) يقترب من الملايين التسعة. ولك هنا أن تتخيل حجم الشعبية والتأثير.
و هنـا لينك صفحة الإعلامي محمد الوكيل على فيسبوك

ذلك في الوقت الذي نجد أن عدد المتابعين لصفحة إذاعة (نجوم إف إم) المصرية يتجاوز السبعة ملايين بقليل، في بلد تشير التقديرات غير الرسمية إلى أن تعداد سكانه يقترب من المائة مليون نسمة (بدون وافدين)، وهو حال أفضل بكثير من المتابعين لصفحة إذاعة (الراديو 90 90 ) مثلا الذين يقترب عددهم من 4 ملايين.

شائعة: الرجل يعمل مع جهات سيادية، وهو ليس كما يُظهر نفسه، وأن به الكثير من النواقص والعيوب.

وبالابتعاد عن الشائعات، ستسمع يومياً من الناس عن كم الخدمات التي يقدمها الرجل منفرداً لعشرات المتصلين بالبرنامج على الهواء، أو المتواصلين مع الصفحة عبر الانترنت، فهذا يريد كرسي متحرك لمريض لا يقدر على ثمنه، وهذه تشكي وقوفها في طابور حكومي لما يزيد على الربع ساعة – هذه كارثة هنا-، وآخر يريد وظيفة، ورابع يشكو من حال الأسفلت بمنطقته… الخ.

حقيقة: محمد الوكيل، مثله مثل معظم الإعلاميين بالعالم يعمل مع فريق إعداد يستطيع الاتصال بالوزراء والمسؤولين وأخذ وعود أو الاستماع لوجهات نظرهم على الهواء ومناظرة أقوالهم بالحقائق التي يحياها المواطن العادي.

wakeel

وإحقاقاً للحق، فسمعة الرجل الخمسيني الذي بدأ حياته مذيعا بالتلفزيون الأردني، ثم تنقل بين عدد من المحطات الإذاعية (منها إذاعة روتانا الخاصة الشهيرة) حتى استقر بإذاعة (هلا) لم يتأخر يوما في إنصاف صاحب حق إن ثبت أن له حقا، ولم أسمعه إطلاقاً يتعامل مع المتصلين بغلظة أو تعالٍ كما يفعل بعض الأساتذة الإعلاميين.

النموذج الاعلامي الذي يقدمه “محمد الوكيل” هو نموذج شائع للغاية، برنامج خدمي يتواصل مع المواطنين ويحاول حل مشاكلهم، كما يستضيف عددا من أصحاب القرار بالبلاد وعدد آخر من المسؤولين عن الهيئات المختلفة، فيستمع إلى وجهات النظر والمشاكل و (يسعى إلى حلها)، هو بالفعل (وكيل) عن الناس وقضاياهم، يجتهد في ممارسة دوره الإعلامي بصدق ويحقق نتائج ملموسة، هذا النموذج موجود في مصر بالقطع، لكنه ليس خدمياً بما يكفي، ليس قريباً من قلوب الناس بما يكفي، ليس حقيقياً بما يكفي.. فتصبح النتيجة الحتمية هي الضياع وسط الزحام الإعلامي وضجيجه المزعج.

عزيزي الإعلامي الكبير/ فلان

عايز تقبض 44 ألف دينار أردني في الشهر؟؟؟ … مش مشكلة، بس خليك وكيل إعلامي للناس مش عليهم.

تواصل مع الكاتب عبر فيسبوك من هنا

تواصل مع الكاتب عبر تويتر من هنا

اقرأ أيضـًا:

أشرف أبو الخير يكتب : منذ عام مضى

أشرف أبو الخير يكتب : سحر الرقم(١٢) ..الأبلة تستطيع

أشرف أبو الخير يكتب : عن الجسر الجوي

أشرف أبو الخير يكتب : تاه في الزحمة (6) القول السديد في واقعة بنت سعيد

أشرف أبو الخير يكتب : تاه في الزحمة (5) اسمها هبة

 أشرف أبو الخير يكتب : تاه في الزحمة (4) فن النحت 

 أشرف أبو الخير يكتب: في ذكرى المحرقة 

 أشرف أبو الخير يكتب: تاه في الزحمة (3) – التجربة الإذاعية 

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا