إسراء النجار
الثورة = التغيير، أيا كان رأي الثائرين أو مناهضيهم في هذا التغيير، المهم أن أشياء كثيرة من المفترض أنها تتبدل، وإن لما يحدث ذلك فلا ثورة قامت إذن .
في هذا التقرير نرصد التغيير الذي حدث بعد ثورة يناير على قاموس المصريين، المصطلحات التي خرجت دون أن نعرف صاحبها في أحيان كثيرة، ونجحت في البقاء داخل الذاكرة الجمعية للمصريين سواء المناصرين للثورة أو المعارضين لها .
القاموس ملئ بالطبع لكننا اكتفينا هنا بأشهر 10 مصطلحات لم تكن متداولة بهذا الإنتشار قبل 25 يناير 2011.
في اللغة تعني كلمة “فلول” بقايا جيش مهزوم في الحرب، لكنها استخدمت بكثافة بعد ثورة 25 يناير على مواقع التواصل الاجتماعي لوصف من أطلقوا على أنفسهم “أبناء مبارك” ورافعي شعار “آسف يا ريس”، أما على أرض الواقع فعبرت عن رجال الحزب الوطني المنحل والمنتمين لنظام ما قبل الثورة، سواء من استمر منهم في منصبه بعد تنحي مبارك أو من رغب منهم في العودة إلى الحياة السياسية وتصدُّر المشهد فيما بعد.
والتعبير عن بقايا النظام البائد بمصطلح طريف ظهر أيضًا في ليبيا فاستخدمت كلمة “طحالب” لوصف أتباع نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، في إشارة لإيمانهم بـ”الكتاب الأخضر”.
مصطلح “حزب الكنبة” موجود في الحياة السياسية من قبل لكن بتعبير مختلف هو “الأغلبية الصامتة”، فاستخدمه مثلًا الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون في خطاب له عام 1969 استحث فيه الأغلبية التي بقيت في المنازل غير متظاهرة ضد حرب فيتنام على المشاركة.
أما “حزب الكنبة” فأطلقه المصريون على المواطن الذي يجلس أمام شاشة التلفزيون يتابع في صمت ودون تفاعل، فهو لا يشارك في مظاهرات أو انتخابات، ولا ينتمي لأحزاب، وهذا المواطن قد يكون منشغلًا بالحراك السياسي ومتابعًا جيدًا لكل تفاصيله، أو عازفًا تمامًا عن متابعة السياسة، المهم أن الاثنان يفضلان الجلوس على “الكنبة” دون المشاركة الإيجابية.
أجندة هى كلمة كلمةٌ فرنسية مأخوذة عن اللاتينية بمعنى “جدول الأعمال” الذي يحدد فيه أهداف ومخططات صاحبه، وشاع استخدمها عربيًا بمعنى “مفكرة”، إلى أن أخذت الصبغة السياسية بعد الثورة، واستخدمت لوصف المعارضة التي يراد القول بإنها “ممولة”، من أشخاص ونشطاء وأحزاب، فصارت الجملة “فلان له أجندة خارجية”، وهنا يقصد أنه ينفذ مخططات دول أجنبية من خلال الثورة على حاكم بلده وإسقاط شرعيته وخلق الفوضى والعنف في البلاد، وذلك بتمويل وتدريب من القوى الخارجية.
المستشفى الميداني هو مصطلح عسكري يعني وجود وحدة طبية متنقلة تسعف المصابين والجرحى في مواقع الاشتباك.
أما الثورة فاستحدثت المستشفى الميداني البسيط الخاص بها والذي تطوع فيه عدد كبير من الأطباء والممرضين لإسعاف المتظاهرين من الإصابات الناتجة عن اعتداءات الشرطة أو البلطجية، وتم إنشاء هذه المستشفيات داخل عدة أماكن، منها مسجد عمر مكرم بميدان التحرير، وكنيسة قصر الدبارة، القريبة للميدان.
أطلق على الثورات التي اندلعت في عدد كبير من الدول العربية بداية من تونس ومرورًا بمصر وليبيا واليمن وسوريا مصطلح “الربيع العربي”، في إشارة إلى التفاؤل والأمل و”الربيع” الذي طمحت إليه الشعوب العربية بعد تخيلها أن الأنظمة الديكتاتورية قد انزاحت عن طريقها، وهو ما لم يحدث عربيًا بين سرقة الثورات والقفز عليها، لذا نجد أن”الربيع العربي” من المصطلحات التي استحدثتها الثورة ولم يكن له وجودًا من قبل. ويرجح أن تكون الصحافة الأمريكية هي أول من أطلقه، خاصة مع تبني أمريكا لما يعرف بـ”الثورات الملونة”.
الطرف الثالث هو بالعامية المصرية “الشماعة” التي عُلق عليها الكثير من الجرائم، فحريق الكنائس والفتنة الطائفية وقتل المشجعين في المبارايات وإطلاق النار على المتظاهرين وتعرية المتظاهرات وحرق المنشآت، كل ذلك وأكثر تم بفعل “لهو خفي”، لم نعلمه حتى الآن!
ويقصد بالمصطلح حرفيًا أن هناك طرف غير المتظاهرين والأمن يتدخل لإحداث الفوضى وتسخين الأحداث.
بعد خلع الرئيس الأسبق حسني مبارك، وتولي المجلس العسكري مسئولية البلاد، بدأت تخرج العديد من البيانات الرسمية من الحكومة والمجلس العسكري تطالب الشعب بالتنازل عن أي مطالب فئوية وتخاطب الشباب للتنازل عن التظاهرات والاحتجاجات في الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد لدفع “عجلة الإنتاج”.
منذ الشرارة الأولى لبداية الثورة، انطلقت الدعوات التي تطالب المصريين بتظاهرات مليونية، ومن فرط التكرار أُزيحت عن المشهد كلمة “تظاهرات” وبقيت “مليونية”، واقترنت المليونيات عادة بيوم الجمعة، الذي كان يوثق مراحل الثورة حتى بعد سقوط نظام مبارك، فنجد مليونات تمثلت في “جمعة الغضب”، و”جمعة النصر”، و”جمعة التطهير”، و”جمعة الحسم”، و”جمعة الوحدة الوطنية”، و”جمعة التطهير”، و”جمعة تصحيح المسار”، هذا بخلاف ما سميت بـ”جمعة قندهار” بعد الهجمة الإخوانية السلفية على ميدان التحرير في يوليو 2011.
المواطنون الشرفاء هم من التزموا منازلهم ورفضوا الخروج في أي تظاهرات تندد بحكم المجلس العسكري بعد أحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وغيرها، لذا خاطبهم المجلس العسكري مرارًا مشيدًا بموقفهم ضد الفوضى والعنف، لتخرج الكلمة في طورها الأول من خطابات المجلس، والجدير بالذكر أن هذا المصطلح اتسع بعد ذلك ليشمل من يواجهون المتظاهرون بالتعاون مع الأمن.
في الوقت الذي كانت تحاول فيه أبواق مبارك الصمود أمام الطوفان الثوري الذي التهم أحلامهم في الفساد والاستبداد، لجأت إلى وصف الثوار بالقلة المندسة قليلة العدد التي تحركها وتندس بينها “أصابع خارجية” للقضاء على الدولة، وبالتأكيد فإن هذه القلة “مدفوعة الأجر” وتسوقها الأجندات الخارجية الصهونية والإيرانية والأمريكية!
المصطلح عبر عنه ياسر المناوهلي في أغنيته “قلة مندسة” قائلًا: “أنا روحت أنضم في مرة لقلة مندسة.. بالتهميش والظلم عمرها ما كانت حاسة.. لمحت بنت بعيد ماشية بيافطة في الميدان.. ياتري مكتوبة بالفارسي ولا مترجمة في لبنان.. تلاقي كاتبة عليها الحلوة دي من طهران.. ولا هاشوف في إيديها ألوان علم إيران.. قربت لقيت مصرية وكاتبة إحنا ليه بنتهان.. شاب بيعزف عود بأصابع خارجية.. تلاقي كاتب النوتة في أجندة دولية.. قربت لقيته بيعزف أغاني الشيخ إمام.. ويردوا عليه الشعب يريد إسقاط النظام”.