كيرلس عبد الملاك يكتب: يناير.. الثورة الساذجة

اشتعلت ثورة يناير ولم أدرِ أنها ثورة شعب في ساعاتها الأولى، حيث كنت أتابعها مع أسرتي المستكينة بالمنزل وفي متابعتي الحثيثة لها تعلقت بها كمن تعلق بحبل النجاة في أجواء الإنتحار، فكان قلبي يخفق متسارعاً يشجع الثوار ويحثهم على المواصلة، لقد تمثلت لي مثل صحوة سجين طاعن في السن خارت قواه لكن إرادته لم تخور، وقلبه المسكين لم يضعف ولم يتسخ في الماضي رغم تفضيله السكوت والسكون، إنها حالة ساذجة لشعب بسيط أراد الحياة ورفض الخنوع للطاغية وحاشيته في لحظة ما من الزمن لم يتوقعها أحد.

لقد تشكلت يناير في سذاجتها الشبابية بطهارة القلوب ونظافة الضمائر، فلم تكن هذه السذاجة علامة على الغباء أو السقوط في مستنقع الفشل، لكنها كانت دليلاً دامغاً على نقاء الأهداف الذي لولاه لما حدث التغيير المنشود بسقوط الطاغية ورحيل الحاشية.

ستخلّد هذه الثورة في تاريخ مصر بل وفي تاريخ العالم أجمع في أنصع الصفحات بياضاً، وأكثر الخطوات إشراقاً نحو الحرية، حرية الإرادة قبل حرية الإدارة والحكم، رغم ما حدث حولها من تقاطر واستغلال ونهش في لحمها وكنوزها من قبل بضعة مجرمين اعتادوا النصب والتحايل.

لم تكتف هذه الصحوة المصرية بإسقاط الطاغية بل كشفت إخوانه في القهر والظلم والخداع الذين دائماً ما خدعوا الشعب بتدينهم المزعوم، ومظهرهم الملتوي، ومعارضتهم المصطنعة، هكذا ذكّروني بيهوذا الإسخريوطي، التلميذ الخائن لمعلمه وسيده ببضعة دنانير من الفضة، أخشى أن أظلم يهوذا الذي انتحر عندما ندم وتنازل عن الفضة أما هؤلاء فمازالوا خائنون.

لقد تصورتها انتقاما من الله أوقعه على بعض المرتزقة في تاريخ مصر، ظنوا أن الظلم أسلوباً للحياة يغفله الخالق ويسكت عنه طالما الشعب صامت، غفلوا عن أن الصمت لا يعني الإهمال، إنها تخطيط وتدبير إلهي أراد له الله التجلي في تلك اللحظة الفاصلة.

سوف تعي الأجيال القادمة كم كانت ثورة الشعب في يناير نقية، ساذجة، لم تطلب شيئاً لنفسها لأنها لم تكن مغرضة، فهدفها الأساسي الذي دفع الجماهير إلى الميادين هو الحرية، لم تفشل ولكن كل مستغل لها فاشل، من نظر إليها على أنها غنيمة وفرصة للتسلق والتربح.

كل عام وشعب مصر بخير وحرية.

إقرأ للكاتب:

كيرلس عبد الملاك يكتب: المسيحيون الدواعش

كيرلس عبد الملاك يكتب: الأقباط وإسلام بحيري!

كيرلس عبد الملاك يكتب: ماذا يقدم التليفزيون المصري للأقباط في أعيادهم؟ 

كيرلس عبد الملاك يكتب : الإعلام القبطي يسقط في مستنقع السياسة

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا