أشرف أبو الخير يكتب : تمانية وعشرين منه

24 يناير 2011

ع القهوة وفي وسط مجموعة من أصحابي، اتكلمنا عن جدوى النزول بكرة في المظاهرات اللي كان مخطط ليها ودعت إليها صفحات الفيسبوك، ولأني كنت الوحيد من الموجودين اللي أختبر بنفسه فكرة المظاهرات قبل كدة، كنت قاعد “مجعوص” وحاطط رجل على رجل وبقولهم بثقة شديدة، محدش ينزل لأن محدش هينزل.. دة شعب مش متعود على كدة وعمره ما هيبقى زي تونس و و و الخ…. والحمد لله كان في القعدة دي شاب عاقل وواعي أسمه “أحمد مرسي” (صحفي متمكن حاليا) موجود في القعدة دي، وأقنعني إننا على الأقل ننزل نشوف الأجواء ونتأكد بنفسنا من اللي بيحصل ع الأرض… وهكذا بقيت من “الثوار” اللي شاركوا في ثورة يناير (المجيدة) ولو إنت شايف إن مجيدة دي تبقى خالتي، فأنا وبعد مرور 5 سنين فخور جدا بالمشاركة دي.

28 يناير 2011

عندي يقين إن كل اللي شارك في الثورة هتكون مشاعره تجاه 17 يوم من الثورة في كفة، ومشاعره تجاه اليوم دة بالتحديد في كفة تانية خالص… ليلتها كنت عند بايت أهلي في مدينة نصر، آخر حاجة حصلت بالليل هي مكالمة من صديقي “مهند” الموسوعة الرياضية، اللي عمر ما كان بيننا كلام غير في كرة القدم، سألني سؤال واحد .

  • لما بناتنا يسألونا كمان كام سنة إنتوا كنتوا فين يوم (28 يناير 2011( .. هل ينفع نقولهم إننا كنا في الحمام مثلا؟؟ .. إحنا خايفين صحيح لكن أنا مش عايز صورتي تتهز قدام بنتي!!

ورغم إن قراري من النزول في اليوم دة كان محسوم، إلا إن كلام مهند حمسني أكتر، لكن مكنتش قادر أتواصل مع حد واقوله ننزل سوا لأني كنت خايف جدا، ومش حابب اضغط على حد وأخليه ينزل بسببي.

قررت أخرج من بيت أهلي قبل صلاة الجمعة بساعة، وأروح على جامع “رابعة العدوية” اللي اتفقت كل الصفحات على إنه مكان تجمع المظاهرات الخارجة من مدينة نصر… مكالمة من أحمد مرسي، فاستنيته عند بيته، ونزل معاه جار ليه إسمه “محمد عمارة” .. وبعد دقايق اتقابلنا مع “أيمن الدسوقي” وبعدين عدينا على “ماجد حمزة” في بيته بناء على طلبه … واتحركنا كمجموعة في اتجاه المسجد.

  • أسوأ قنبلة دخان استقبلتها في حياتي كانت بعد الخروج من المسجد بدقايق، لأن الظابط رماها من مسافة خمسة ستة متر، تحت رجلينا مباشرة … كان تأثيرها قاتل.
  • خرجنا من المسجد حوالي 500 فرد، واتجاه المسيرة اتغير بعد ما الأمن قفل شارع النصر ، فقررنا المشي في اتجاه صلاح سالم، فالعباسية – وهناك انضمت علينا مسيرة – كنت أظنها ضخمة- مرورا بشارع لطفي السيد، فـ غمرة، ميدان رمسيس، شارع الجلاء، ثم أزقة وسط البلد.. ووصلت مجموعتنا الصغيرة لميدان التحرير قبل أذان العشاء بقليل.

“مصر كلها رجالة” … هتاف من الأعماق، هتفت به بنت عمرها حوالي تلاتين سنة، من قدام نقابة الصحفيين وفي الخلفية كان في مدرعة للشرطة في مراحل إحتراقها الأخيرة، الصورة دي هي أكتر حاجة فاكرها من اليوم دة… وفاكر كمان الآلاف اللي جريت واتضربت بالغاز واتقبض عليهم واتضربوا من المخبرين… خلاصة المشهد بالنسبة لي إنه كان يوم ملحمي في تفاصيله، مفصلي في تاريخ البلد.

بمرور الساعات راح الخوف، وتبقى بس إحساس الفخر بالعدد الرهيب دة اللي كان أول مرة بالنسبة لنا كلنا نشوفه في الشوارع، راح الخوف واتبقت مشاعر الغيرة على الوطن والرغبة في حياة افضل لينا كلنا… وبالنسبة لي، في اليوم دة ولغاية النهاردة أنا لا يعنيني إطلاقا مين اللي نزل ومين منزلش، مين مع مين ومين بيتآمر … المهم بالنسبة لي إن البلد كلها دفعت تمن غالي من أمنها واستقرارها (اللي نزل واللي كان ع الكنبة)، البلد كلها اتأثرت ولسة بتتأثر (ودي حاجة كويسة من وجهة نظري) بسبب اليوم العظيم اللي كان درة التاج في ثورة عظيمة ، يوم هيفضل محفور في دماغي ومستحيل أنساه، والحمد لله إني مش هقول لحد من عيالي إني كنت في الحمام ساعتها.

كل سنة ومصر كلها أحسن ورجالتها وبناتها اجدع وأقدر على الحلم.

تواصل مع الكاتب عبر فيسبوك من هنا

تواصل مع الكاتب عبر تويتر من هنا

اقرأ أيضـًا:

أشرف أبو الخير يكتب : الوكيل الإعلامي

أشرف أبو الخير يكتب : منذ عام مضى

أشرف أبو الخير يكتب : سحر الرقم(١٢) ..الأبلة تستطيع

أشرف أبو الخير يكتب : عن الجسر الجوي

أشرف أبو الخير يكتب : تاه في الزحمة (6) القول السديد في واقعة بنت سعيد

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا