محمد فتحي: ريهام سعيد vs ويل ماكفوي.. الزبد في مواجهة ما ينفع الناس!

 في الوقت نفسه الذي عرضت فيه ريهام سعيد حلقتها من غثاء السيل الذي تطل به علينا بين الحين والآخر، كان العالم، والمحبين لهذه المهنة يتابعون الحلقة الأخيرة من الموسم الأخير للمسلسل الأفضل عن مهنة الأخبار وصناعة الإعلام (غرفة الأخبار)، والذي فاز من قبل بجائزة الإيمي، ويدور داخل إحدى محطات التليفزيون الإخبارية..

طاخطختم

ويل ماكفوي المذيع البارز الذي كان ثاني أكثر الأشخاص ثقة في أمريكا، وفق المسلسل، وقام بدوره الممثل الشهير جيف دانيلز ، يقدم الأخبار المسائية ، لساعة كاملة، يحب فيها الناس إطلالته ، لتصبح قناته في المرتبة الثانية من حيث متابعة الناس لها ، لكن ريتشارد سكينر مديره في المحطة يريد تغيير كل ذلك ، فهو لا يريد للناس أن تتابع النشرة لأنها تحب ويل ماكفوي ، بل يريد أن يتاعبوها لأنهم سيشاهدون فيها أخباراً تهمهم، ولذلك كان يجاهد طيلة ثلاثة أجزاء من المسلسل ليطرد عن ذهن مذيعه الأول فكرة ترتيبه في المشاهدة، في مقابل القيمة الخبرية التي يتلقاها المشاهد..

رجل مثل ريتشارد سكينر هذا لا وجود له تقريباً في إعلامنا، فهو يشبه الشخصية التي آمن بها منذ قرأ قصتها في رواية سير فانتس الشهيرة دون كيشوت، وقرر أن يكون فارساً يحارب وحده من أجل مبادئه، حتى لو اكتشف أنه سيحارب طواحين الهواء، لكن المهنة تستمر لأن هناك أمثال ريتشارد، ولأن ويل ماكفوي صدقه، وقرر أن ينحاز للمهنة..

جحخه

 يوماً بعد يوم تغير الفريق، أصبح المعد المهني هو الأساس، لا خبر يذاع دون مصدر ، لا وثيقة تذاع إلا بعد التأكد من صحتها، لا تأكيد على وفاة أحدهم إلا بعد أن يحدث ذلك بالفعل ، والخبر الصادق المؤكد الموثوق به أهم بكثير من سبق كاذب سيكتشف الجميع كذبه ولو بعد حين.

هذه هي المبادئ الأساسية التي أصبحت موجودة في فريق العمل الذي قرر أن يعمل لحب هذه المهنة.

في الموسم الأول يبدأ المشهد الافتتاحي بضجة يثيرها ويل ماكفوي في إحدى الندوات حين يحتد على طالبة سألت منصته ، ما الذي يجعل أمريكا أعظم بلد في العالم، وبعد أن يتهرب من الإجابة حتى لا يبدو منحازاً لرأي بعينه ( وهو ما كان يراعيه طيلة الندوة) ينفجر ليعلنها :ليست كذلك .. أمريكا ليست أعظم بلد في العالم.

https://www.youtube.com/watch?v=LXUgj3Y2E18

يطول الحوار الذي نقلته يوماً في أحد مقالاتي مسقطاً إياه على واقعنا اضغط هنا

ويخرج ويل من اللقاء خاسراً بعد أن احتد على الطالبة ، لكنه شرح بما يكفي لإقناع الناس بوجهة نظره

وفي نفس اليوم ، تدخل لحياته زميلته/حبيبته السابقة (ماكنزي ماكهيل) كمنتج فني يسعى لتطوير المحتوى المهني لنشرة الأخبار

وبين قصص الحب وتشابكات الأحداث تظل المهنة هي الأساس في حلقات الموسم الأول ، لنرى درساً في تغطية أخبار (حقيقية) حدثت في العالم أجمع، وظهرت على شاشة ويل من خلال هذا المسلسل ، لنتعلم جميعاً كيف ننتصر للمهنة، فلا نذيع خبراً عن وفاة أحدهم نقلاً عن شهود عيان، ونبحث عن مضارة من قرارات أوباما الاقتصادية لتصنع لنا قصة لم يكن يراها فريقه الرئاسي نفسه ، ناهيك عن احترام المصادر ، ومواجهة الصحافة الصفراء التي قد تجهض كل جهدك لصنع إعلام محترم بخبر مفبرك

في الموسم الثاني نتعلم درساً جديداً ، ليس معنى أنك تراعي المهنية أنك لن تخطئ ، قضية كاملة تابعها الفريق بمنتهى المهنية والتعب ، للكشف عن عملية عسكرية أمريكية قتلت مدنيين في أفغانستان، وتابعنا عبر أكثر من 10 حلقات كيف تصل للمصدر، وكيف تحلل المعلومات، وكيف تتأكد من صحتها لتنشر قصة عظيمة ، ثم كيف – بعد كل ذلك – تذهب ضحية عضو جديد في الفريق لم يكن على مستوى المسئولية ففبرك مقابلة ، وواشي من الاستخبارات المركزية الأمريكية أراد الانتقام منك فورطك في خبر كاذب لتنهار مصداقية الفريق، ولا تجد صاحبة المحطة سوى أن تصرخ فيهم : استعيدوا مصداقيتكم

 بئففا

أما في الموسم الثالث، وبعد أن وقف الجميع على أرجلهم بالكاد ، تعصف الظروف بالمحطة الإخبارية ، فمن ناحية تصل معلومات لنيل سامبات ، مسئول السوشيال ميديا بالمحطة، وإزاء محاولته التواصل مع مصدرها ، يكتشف ويل ماكفوي أن نيل دون أن يدري خرق القانون في قضية أمن قومي حقيقية، حيث وضع نفسه تحت طائلة القانون حين أراد التأكد من صحة كلام المصدر بطلبه لمستندات بعينها تثبت صحته، فتم تكييف الأمر على أنه تجسس ضد الولايات المتحدة الأمريكية ، ويهمس نيل سامبات باسم مصدره لويل وحده ، والذي ينصحه بالهرب، في نفس اللحظة التي تهاجم فيها قوات مكتب المباحث الفيدرالية الأمريكية المحطة ، وتطلب من الجميع الابتعاد عن أجهزتهم ، وعدم خروج البث، فيجد الجميع أنفسهم في مواجهة بين الإعلام والأمن ، تنتهي في هذه الجولة لصالح الإعلام ، حين يقرر ريتشارد سكينر أن يهددهم بنقل ما يحدث الآن من اقتحام على الهواء أو انسحابهم وتسوية الأمر قانونياً ، وينتصر سكينر ، لكن ويل يتورط في استدعاء للمدعي العام الأمريكي ، الذي يطلب منه الكشف عن مصدره فيرفض ويل احتراماً للمصدر ، وتمسكاً بالقانون الذي يحميه من البوح بمصادره، وحفاظاً على حياة نيل سامبات الهارب من جرم لم يرتكبه، ولم يفعله بوعي

في نفس الوقت تحدث كارثة مالية في المحطة تستدعي بيعها لشاب لاه عابث يشبه كثيراً أغلب هؤلاء الذين يديرون إعلامنا الآن أمام الكاميرات أو في الكواليس، ليغير هوية المحطة، ويركز على أخبار الفضائح ، وتطبيقات السوشيال ميديا التي تلائم المراهقين وصغار السن ، ولتذهب المهنية إلى الجحيم

أما ويل ماكفوي ، فها هو الآن يكتشف أنه متهم بإهانة المحكمة لرفضه التصريح باسم مصدره في قضية أمن قومي تمسكاً بمبادئ المهنة ، فيدخل المذيع الأشهر للسجن

وحين يموت المصدر وينتحر ، وتعرف زميلة / حبيبة/ زوجة ويل بهذا الأمر تحاول إبرام صفقة ليخرج ويل ، ويجتمع المدعي العام معه في وجود محاميته ليسأله مرة أخرة عن اسم مصدره ، فيرفض التصريح به

– هل تعرف فلانة

– لن أجيب سيدي

– هل هي المصدر

– لن أجيب سيدي

– هي الآن انتحرت وماتت ، فلتقل أنها هي وستخرج

– لن أجيب سيدي

درس جديد في الحفاظ على المصدر وسمعته حتى لو مات، درس كلفه أيام أكثر في السجن بصحبة مجرم متهم بضرب زوجته وتعذيبها يحاول استفزازه طول الوقت، أما في الخارج ، فالفريق لا يطيق الأسلوب الجديد لإدارة المحطة ، وما أضحت عليه القناة ..

مالك المحطة كثير التدخل يضغط على ريتشارد سكينر الذي يجد نفسه مطالباً بالرضوخ له وإيجاد صيغة ما للحفاظ على استمرار ما صنعه الجميع ، ولو بإدارة سيئة، أفضل من انهياره للأبد

يصبح الموقع الالكتروني موقع فضائح ، ويطور المسئول الجديد عنه تطبيقاً لملاحقة النجوم في أماكن وجودهم اعتماداً على (المواطن الصحفي) الذي أصبح (مواطن الصحافة الفضائحية) بعد هذا التطبيق، وأخطر من أي (باباراتزي)

وتقود مقدمة نشرة المسئول الجديد لفخ على الهواء لتحرجه، وتخبره كم أن تطبيقه حقير ، في الوقت الذي يتمرد فيه الكثيرين على طلبات سكينر ، فيصاب هذا الأخير / المهني بأزمة قلبية، وتبرم صفقة لإخراج ويل ، فيخرج ليجد زوجته تحتضنه مهنئة إياه بخروجه ، ومعلنة له وفاة سكينر …

في الحلقة الأخيرة التي أذيعت تقريباً في وقت إذاعة ريهام سعيد لحلقة عن الجن والعفاريت وباقي الهراءات التي أصبحت تقدمها بانتظام ، يحضر الجميع جنازة سكينر، ويتذكرون مبادئه ، ويشعر بعضهم بالألم وبمسئوليتهم عن وفاته لرفضهم تنفيذ قراراته الأخيرة، فتقول زوجته لأحدهم، أنه كان سعيداً لأنهم يرفضون تنفيذ هذه القرارات، وشعر أنه نجح في مهمته ، بل وأصبح يعتمد على تمردهم لرفض سياسة المالك الجديد للقناة ..

يعود نيل سامبات من هروبه الإجباري ليوبخ الموظفين الجدد الذين حلوا محله، وهو يؤكد لهم كم لاقى الأمرين لكي يصنع موقعاً محترماً يبث الأخبار التي تنفع الناس وتمكث في الأرض، وليس ليستغلوه هم لصناعة ترافيك وهمي بأخبار فضائح

يتراجع المالك عن خططه ، ويعين ماكنزي ماكهيل نفسها مديراً بدلاً من ريتشارد سكينر المتوفى ، ويبقى الفريق منتصراً للمهنية ، ضد الفضائح والإثارة ، وقيم الهراء والسطحية التي أصبحت شهوة لدى ملاك وسائل الإعلام والقائمين عليها …

ينتهي المسلسل بأكمله بويل ماكفوي يقدم نشرته من جديد

وبالفريق يكمل مهمته

وبالمهنية باقية مهما أهال عليها السفهاء التراب ..

في الواقع لا طاقة لي لكتابة المزيد عن ريهام سعيد، لكن بحاجة لأوجه نصيحة لصديقي محمد عبد الرحمن بمشاهدة هذا المسلسل أولاً ، قبل أن يقرر خططه الجديدة والمستقبلية بخصوص موقعه الذي أتشرف بنشر هذا المقال فيه الآن ، وتقرأه أنت ، وأود أن أخبرك أنه انتهى.

unnamed (4)
محمد فتحي

 

لمتابعتنا عبر توتير اضغط هنا

لقراءة المزيد:

10 أسئلة حول عفاريت ريهام سعيد

5 تصريحات نارية في مقدمة غاضبة لريهام سعيد