كتبت الفنانة زينة، مقالًا في موقع “زائد 18″، بعنوان “الحب للجدعان”، عرضت من خلاله قصة حب إحدى قريباتها، والصعوبات التي واجهتها مع زوجها، وكيف استمر هذا الحب بالرغم من كل المشاكل التي واجهتمها، وكتبت في نهاية المقال: “الندل ما يعرفش يحب، اللي ماترباش في بيت فيه حب ورحمة، مابيعرفش يحب.. اللي ماحسش بدفا الأسرة ولمة العيلة، وحنان أهله، مابيعرفش يحب.. اللي ماشافش تراحم وود في بيت أهله، مابيعرفش يحب.. الست اللي بجد والراجل اللي بجد، هو المخلص اللي يحفظ العشرة ويصون أهل بيته، ومايعرفش يخون.. وهما دول اللي بيعرفوا يحبوا، وبيكون عندهم عطاء.. الحب للرجالة الجدعان والستات الجدعة”.
نص المقال:
“وأنا صغيرة.. أمي وأبويا دائما كانوا بيعملوا عزومات في البيت لأهلنا وقرايبنا يوم الجمعة أو الخميس بالليل، وكل ده مش مهم، المهم إن كان في أوقات أبويا بيعزم بنت اخته اللي هي كانت أكبر منه بحوالي ٤ سنين، واسمها طانط سامية، وكانت بتقول لأبويا باسمه عادي مع إنه خالها.
برضه مش مهم.. المهم إن كل العزومات بتبقى أكل كويس وخلاص، إلا طانط سامية وجوزها أنكل محمد، لازم يكون على السفرة ورد أبيض، وفي في النص وردتين حمر بس، لأن طانط سامية بتاخد الوردتين.. تدي واحدة لجوزها وتخليه يبوس وردتها، وتاخذها تحطها في شعرها طول العشا.. المهم إن بيتنا بيبقى غريب أوي يوم عزومتهم، فيه دفا كده غريب زيادة علينا، وضحك وهزار وسعادة غريبة.
طانط سامية ماعندهاش ولاد، وكل ما كنت اسألها: ولادك فين يا طانط؟ أمي تقرصني وتقولي: ادخلي أوضتك يا زفتة، وتقرص جامد على شفايفها، وتستحلفلي بأيدها إنها هاتوريني، فأخاف وابقى مرعوبة.
في الوقت ده، طانط سامية كانت تزعق لماما وتقولها: إيه ده يا ماجدة؟ دي طفلة! وتاخدني في حضنها وتقولي: أنا ماعنديش ولاد يا حبيبتي.. إنتي وإخواتك ولادي، وكل ولاد العيلة هما ولادي، ووشها كله تسامح وحب، وضحكتها صوتها في ودني لِسَّه.
ولما كبرت شوية، عرفت إنهم عاشوا قصة حب فظيعة، وإنه بيشتغل محامي، ومش بياخد أي قضايا غير اللي مقتنع بيها، وللعلم هو محامي كبير أوي دلوقتي، وعرفت كمان إن طانط سامية مستحيل تخلف، وجوزها بيحبها أوي، وعمره ما فكر يزعلها أو يتجوز غيرها، علشان يخلف أو حتى عمره خانها، وده كلام مش وارد عنده أصلا.
مرت السنين، وأبويا اتوفى، وهو عمره ٥٨ سنة، يعني صغير طبعا، وكل قرايبنا زعلانين لأنه كان ملاك في صورة بني آدم، وعمره ما زعل حد -الله يرحمك يا ابويا- بس كل حزن الناس كوم، وزعل طانط ساميه كوم تاني، لأن حزنها كان زي حزننا، والقهره اللي في قلبها وصلتني، لأن أنا أكتر واحدة ممكن تحس باللي زعلان بجد.
بعدها بخمس سنين، تعبت طانط سامية أوي، لدرجة إنها مش بتقدر حتى تروح الحمام، وجت عندنا وقَعَدت أسبوع، فاتخيلت إن جوزها مابقاش كويس، وسابها لينا علشان نراعيها في مرضها، بس اللي عرفته بعد كده، إنه أنكل محمد عمل عملية في القلب لوحده.. بطوله، علشان مايقلقهاش، وماتتعبش بزيادة، ولما ماكانش بيرد عليها، كنت أنا بشك فيه، وهي كانت دائما بتقول لماما: على فكرة قلبي بيقولي محمد تعبان، وماما كانت فاكرة إنه اتجوز عليها!
رجع أخدها وحتى ماقالش إنه عمل عملية، وماتعرفش لغاية دلوقتي، لأنه خايف عليها لاحسن تقلق عليه.
دي قصة حب حقيقية وبجد، بس ده مش من فراغ.. دول ناس محترمين بجد في كل مواقفهم.. يعني أنكل محمد مش بيقبل أي قضايا.. مواقفه ثابتة.. طانط سامية ست محترمة، راقية في مشاعرها وصادقة في حبها، عمرها ما وقفت مع باطل، وعمرها ما طلع من بقها العيبة زي ما بيقولوا.. مش قصة حب وبس، لا دي مبادئ واحترام وتضحية.. المبادئ مش بتتحزأ، الكويس والمحترم الصادق، صادق مع نفسه ومع الناس اللي حواليه، ومن صدق وطيبة طانط سامية أنا اتأثرت بيها وبشخصيتها وبحياتها وبقصة حبها، وكنت طول الوقت بادور على راجل شبه أستاذ محمد.. بس مفيش للأسف.. الجواز هو الحب والمودة والتضحية، ومش الأطفال بس اللي بيخلقوا الارتباط بين الزوجين، لأن الزوجين هما الأساس حتى لو مفيش ولاد.. مش مهم.
وممكن يبقى في ولاد، ويكون في حب واحترام أكتر زي اللي كان بين أبويا وأمي مثلا.
هو الزمن ده ماله؟ إحنا اتغيرنا كده ليه؟ قصة حب أبويا وأمي وكفاحهم، كل عيلتنا بتحلف بيها، وقصة حب طانط سامية وأستاذ محمد، أنا بس اللي حاسة جمالها وصدقها، لكن عائلتي ورغم إنها شايفة إنهم قيس وليلى، إلا أنهم شايفين إنها قصة مش كاملة لأنهم ماخلفوش.. الحب مش بيفرق بين اتنين خلفوا أولاد أو ماخلفوش.. والمشاعر عمرها ما بتقل أو تزيد حسب وجود أطفال.. الحب اللي بجد مفيش أي ظروف بتغيره أو بتخليه يخلص، طالما فيه إخلاص وتراحم ورحمة.
وعشان كده.. الندل ما يعرفش يحب، اللي ماترباش في بيت فيه حب ورحمة، مابيعرفش يحب.. اللي ماحسش بدفا الأسرة ولمة العيلة، وحنان أهله، مابيعرفش يحب.. اللي ماشافش تراحم وود في بيت أهله، مابيعرفش يحب.. الست اللي بجد والراجل اللي بجد، هو المخلص اللي يحفظ العشرة ويصون أهل بيته، ومايعرفش يخون.. وهما دول اللي بيعرفوا يحبوا، وبيكون عندهم عطاء.. الحب للرجالة الجدعان والستات الجدعة.
الميه ولا الهوا ولا عوادم السيارات ولا المبيدات اللي في الخضار والفاكهة هما اللي بيطلعوا غِل وكره في الأجيال اللي بعد جيل أهالينا؟
إيه اللي حصل للناس؟ وإيه السبب؟ ساعات بافكر إني طلعت رومانسية وعندي قلب ورحمة، رغم إني باكل نفس الأكل وباشرب نفس المية وباتنفس نفس الهوا.. جايز لأني اتربيت في أسرة فيها قصة حب بين أمي وأبويا وبين طانط سامية وعمو محمد.
يمكن لأني اتولدت في بيت كله حب وود وتراحم.. يارب اقدر اربي ولادي في بيت فيه نفس الحب ده.. عشان يطلعوا رحماء بالناس ومايظلموش حد، ويعرفوا قيمة الحب والصدق في المشاعر.
يارب رحمتك بينا وبالأجيال اللي جاية.”