مينا فريد يكتب: لماذا يتعاطف المصريون مع إضراب الأطباء ؟
لو استطلعت آراء المصريين المؤيدين للنظام -و ليس المعارضين عشان دول خونة – حسب معجم “هاح موسااا الصحاح”..
ستفاجئ أنه حتى المؤيدين للدولة أغلبهم إن لم يكن كلهم قد يواجهوا موقف أو أكثر شهريا تعرضوا ليه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة لبلطجة بعض أمناء الشرطة…
ستجد المؤيدين يتعاطفون مع الجنود و الضباط بشدة..و يقولوا بصيغة أو بأخرى ” الجنود غلابة و الضباط بيدفعوا حياتهم لأجلنا “.. لكن عندما يذكر لفظ أمين.. غالبا ستجد سبة..
و هذا هو السبب الرئيسي لتعاطف المصريون اليوم مع إضراب الأطباء..
في مواقف المواصلات العامة .. في المطارات .. في الشوارع… في كل مكان ستجد غالبا أحدهم واقفا من خلف نظارة بلاستيكية سوداء.. لديه دائما شئ ما يحرجك به مهما كنت ملتزم حتى يحصل على عشرين جنيها أو خمسين حسب المكان..
في يوم ما جلست مع صديق من أيام الدراسة فوجئت أنه أصبح يعمل في مطار ما ضابط شرطة .. و لأني أثق في نزاهته و نظافة يده حكيت له عن ذلك الأمين الذي قابلني أثناء رجوعي من رحلة عمل في الخليج و طلب بشكل مباشر أي ورقة بعشرين من اللي جايبهم معاك و نعديك في السريع بالهدايا اللي معاك.. قلت له كيف أنه بإشارة بسيطة لموظف الجمرك مريت بدون أي يفتح أي شنطة لي ..
يومها قال لي .. للأسف نسب في أمناء الشرطة و مع إننا بنسبة كبيرة السبب في فسادهم.. بعضنا يكون فعلا مخالف و بعضنا ليس مخالفا و لكنه – مش عاوز وجع دماغ – و طالما الموضوع عشرين و لا خمسين جنيه.. القصة ستمر.. ثم سألني لماذا لم تبلغ عنه و إنت – لسانك طول كده – ؟ قلت له : يا عم هين قرشك و ماتهنش نفسك و أنا مش ضامن الحقيقة إنه هو أو اللي فوقيه مش هيلبسوني بلوة.. مش هخلي حد يتحكم فيا .. الفلوس على جزمتي بس أخلص..
هنا نظر لي و قال .. الحقيقة أنك فاسد أكثر منه..
ماحدث و يحدث أن القصة بدأت تتعدى مرحلة الأموال .. و تعدت لمرحلة الكرامة .. سأهينك و أهين كرامتك لأنني بشكل أو بآخر أصبحت صاحب سلطان…
أصبحنا نرى أمناء شرطة يتصالحوا مع الدولة بدفع ملايين .. بدأنا نرى أمناء شرطة يدوسون بأحذيتهم على الأطباء .. بدأنا نرى أمين شرطة يهدد الشاهد على خطأه على الهواء بأولاده .. بدأنا نرى مهازل حقيقية…
و لهذا يتعاطف العديد مننا مع دكتورة منى مينا و دكتور حسين خيري و جموع الأطباء …
لأنهم لم يشتروا دماغهم و يقولوا هي كده.. و طريقتها كده .. و لإنهم لم يقولوا مش عاوزين وجع دماغ..
لأنهم يغامرون بمستقبلهم و مناصبهم من أجل كرامة المصريين كلهم ليس الأطباء فقط…
هما لا يقولوا لا مترددة أو لا خجولة .. يقولوها قوية مؤثرة بكل شموخ و كرامة… و بكل وطنية..
لأنهم يفتحون الباب أمام رفض الشعب كله لأي بلطجة بصورة قانونية..
نعم يا سيدي الفاضل الإضراب حق أصيل دوليا للعامل أيا كان.. حسب الإتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر..
و الحقيقة أن الإضراب أفضل كثيرا من أي أعمال شغب أو تخريب أو أو أو…
رجاءا إلى الدولة المصرية..
والله العظيم أنكم تحرجونا كمؤيدين لكم .. لا نجد ما نقوله .. في أوساط المعارضين على طول الخط ..
لا نجد أي مبرر للتضحية بهيبة الدولة ممثله في أطبائها لأجل مجموعة من الأمناء المخطئين ..
نحن نعلم الحقيقة و أنتم تعلمون الحقيقة فلماذا لا يكن هناك قرارات ذكية إستثنائية ؟
دهس و ضرب و ذل و تلفيق أسوأ بكثير لهيبة الدولة من بلالين واقي ذكري…
و الله أنكم تخسرون يوميا العديد بسبب مثل هذه الأفعال..
هناك أساسيات يجب البناء فوقها.. أولها الكرامة..
حافظوا على كرامتهم و كرامتنا…
وأنهوا هذه القصة و مثيلاتها بكل حزم.. حتى لا يطفوا للسطح خالد سعيد آخر..