لم يكن الشعار الذي تم تبنيه هذا العام “الثقافة في المواجهة” مجرد شعار لدورة من دورات معرض القاهرة الدولي للكتاب ، ينتهي بانتهاء فعاليات المعرض ، ونغلق عليه الستار عقب الختام ، ولكنه بالنسبة إلينا بداية لمرحلة من العمل تم اختبارها في الواقع طوال أيام المعرض وعبر فعالياته الثقافية وعبر مشاركات الجماهير التي أثبتت بالفعل علاقتها الوطيدة بالثقافة وإقبالها على الحدث الثقافي ، وإيمانها بأهمية الوعي والتنوير والتثقيف . والأهم من ذلك كله توافق الجميع على أهمية وضع الثقافة في مواجهة السلبيات والأخطار التي تهدد أمتنا نتيجة غياب الوعي مثل التطرف بأشكاله ، والإرهاب بأنواعه ، والفساد بصنوفه ، واختلال منظومة القيم الأصيلة الممثلة لهويتنا ، وغيرها مما يتهدد حاضرنا ومستقبلنا .
كان أحد المنطلقات المهمة في التخطيط لهذه الدورة هو التنويع ، التنويع في تمثيل الأقاليم الجغرافية بثقافاتها ، والتنويع في تمثيل الأجيال دون إقصاء أو تمييز ، والتنويع في الأنشطة لتشمل آليات الثقافة المتعددة ( الكتب والمناقشات والندوات والموائد الشبابية المستديرة ، والميديا، والمسرح ، والسينما ، والفنون كافة ، وغيرها من أشكال الثقافة التي طرحها التطور التكنولوجي) ، وكان نتاج ذلك أن شاركت كل شرائح وطوائف المجتمع والمثقفين في دعم الخطاب الثقافي المعتدل الذي يسعى لبحث آليات الأزمات الراهنة وصولا إلى وضع التصورات القابلة للتطبيق على أرض الواقع .
أكدت الدورة على قيم عديدة ، منها :
الرغبة المجتمعية في التثقيف والتعايش السلمي والمشاركة في بناء الوطن وهو ما يؤكده الإقبال الجماهيري ، إذ تجاوز عدد الزائرين حتى اليوم قبل الأخير ما يزيد عن اثنين ونصف مليون زائر ومشارك ، وزادت نسب مبيعات الكتب عن الأعوام الخمسة الماضية بشكل ملحوظ .
المحبة الضافية التي يتمتع بها أبناء الوطن العربي ، مما جعل الجميع يتخطى الصعوبات ، ويغتفر للسلبيات والمعوقات التي قابلته .
الرغبة الواضحة في التعاون والعمل من أجل تقديم صورة جيدة للهوية بما يؤكد امتلاك أبناء الوطن لقيمة المواطنة وإمكانية استثمارها للمستقبل .
التواصل الفعال بين شرائح المثقفين والمهتمين بالثقافة ، بما يشير إلى إمكانات عدة، منها : إمكانية الاستثمار في العقول البشرية العربية للحاق بمسيرة التطور الحضاري ، إمكانية التفكير بمنطق مجتمع المعرفة الذي تتحول فيه الأفكار إلى ثروات ، وغيرها من متطلبات راهن العصر ومستقبله .
وكانت الرسالة واضحة : أن الثقافة قادرة ومؤهلة لمواجهة السلبيات التي طرأت على مجتمعاتنا العربية ، وغيرت من مساراتها ، وقادرة أيضا على الدخول بنا إلى مستقبل التطور البشري الذي نحلم به جميعا ونسعى إليه .
الثقافة في المواجهة شعار لمرحلة وليس شعارا لدورة واحدة من دورات معرض القاهرة الدولي للكتاب السابع والأربعين .