تدخل إلى موقع التغريد وأنت مفعم بالبهجة والحماس للقاء أناس قد تكون قد سمعت عنهم من الأصدقاء أو من يعتبرون من مشاهير المجتمع والذين ظهروا على السطح بعد ثورة يناير أو غيرهم، تفكر فيما يغردون ويكتبون وفي الأفكار التي يطرحونها. تبقى لبعض الوقت (طال أو قصر) مبهوراً بهذا العالم الملئ بالأفكار التي يعبرون عنها في 140 حرف فقط ويتركونك. ثم تتجرأ بعض الشيء وتبدأ في إبداء استحسانك لبعض من تلك التغريدات بالضغط على زر التفضيل، ثم يأخذك الحماس وتتملكك الجرأة في طرح بعض الأفكار الخاصة بك ثم تتجرأ أكثر فأكثر وتعلق على تغريدات المشاهير وفي الأغلب قد لا تجد رداً أو تجاوباً فتظل تحاول أن تشرح تعليقك السابق في أكثر من تغريدة لذلك الحساب الممهور باسم المشهور وصورته ولكن ما من مجيب. بعد أن تصقلك التجارب على تويتر تبدأ في اكتشاف نوعيات الشخصيات التي تتابعها وتكتشف أن “ليس كل ما يلمع ذهباً” مقولة حقيقية.
وبعد العديد من التجارب السلبية تكون قد نضجت “تويترياً” وتستطيع أن تفرز الغث من السمين، وتصبح لديك إجادة في الحكم على الحسابات التي تتابعها أو يتابعها غيرك وتنتقي بخبرة من تقرأ كلماته ومن تبحث عن آراءه ومن “تبلكه”، فلم يعد الأمر بصعب عليك أن تكتشف أن هذا الحساب المنسوب لشخصية ما من الفنانين ليس أكثر من وكالة دعاية مهمتها طرح أخبار ذلك الفنان بطرق عدة وبطريقة ممنهجة تختلف بحسب الشخصية التي يريد ذلك الفنان أن يرسمها لدى المتلقين فمنهم من يطرح نفسه على أنه المهتم بحقوق الانسان طوال الوقت، أو المعارض السياسي على طول الخط، أو المصلح الاجتماعي والمصفى القضائي والخبير المثمن. بالطبع هناك من تلك الحسابات من يقوم أصحابها الحقيقين بإدارتها وتأتي تغريداتهم ذات نوعية معينة فهذه تغرد بكل صورة لها منذ أن خلقها الله على الأرض وتلك تظهر تغريداتها في توقيتات بعينها وخصوصاً عندما يكون الأمر جللاً فتعلق بجملة قصيرة مثل “رحمتك يا رب” لتترك للمتابعين باب التكهن مفتوح على مصرعيه لتفسير ما كانت تقصد، ومن ثم تنتقل تلك التغريدة إلى المواقع الإخبارية التي تتناول الموضوع بأشكال مبهرة من التهويل بعناوين مثيرة ولا تحمل مضموناً أي كان.
ومن الشخصيات التي تجدها أيضاً من لحقوا بركب مواقع التواصل الاجتماعي منذ بداية نشئته وأعطى لنفسه صفة ما مميزة له كأديب أو شاعر أو موسيقى أو حتى رئيس جمهورية وبقى يحافظ على نشاطه التويتري بشكل يومي ليزيد في عدد متابعيه بأي شكل وبكل الطرق وتجده يشارك جمهوره كل أحداث حياته اليومية منذ أن يستقيظ من النوم ويذهب إلى عمله واصفاً المواصلات، الطرق، الأشخاص، والأحداث التي تقع في يومه والمشاكل التي يقع فيها وكيف تجاوزها بذكائه، ثم لا ينسى في آخر اليوم أن يلقى ببعض ما يناسب تصنيفه المختار من انتاج قريحته وعبقريته فتنهال عليه عبارات الاستحسان التي يعترض عليها حتى لا ينقطع تسلسل أفكاره الإبداعية أو حتى يتصل المعني الذي يريد إيصاله.
شخصيات أخرى تجدها ذات توجه واحد لا تحيد ولا تلين عنه ولا تلبث إلا وأن تحول أي خبر أو نقاش إلى اتجاه بعينه لا يجاريه فيه أحد فهو يعلم ما وراء الأمور ولقد عرف ذلك عن كثب أو أنه كان هناك وتوفر له الحصول على المعلومة من مصدرها وأن أحد أقرباءه يعمل في ذلك المكان وأكد له ذلك أو أن زوج خالة بنت عمته الذي يقطن على بعد أربعة شوارع من ذلك المكان لايستطيع أن يؤكد أو ينفي لكنه يدرك أن رأيه هو الصواب. وهناك حسابات الشخصيات المقيمة وهي التي لا تبرح هذا التويتر في أي وقت من اليوم صباحاً ومساءاً ظهراً عصراً فجراً أو عشاءاً ولا تعرف هل هم بشر مثلنا أم أن هناك أكثر من شخص يتوالون باستخدام نفس الحساب على مدار اليوم؟
وكما أن لدينا قنوات متخصصة في مجالات عدة فهناك شخصيات (حسابات) على تويتر لها تخصصات معينة، فهذا تخصص سخرية أو قلش ومسخرة يعبر عن شريحة من الشخصية المصرية الأصيلة والتي تسخر من واقعها لشدة الهموم الملقاة على كاهلها أو ربما لتنفيس بعض الكبت، وشخصيات أخرى لا هم لها إلا الأكل وأنواعه وأشكاله ومزاياه، ومنهم الذي يتنوع في التخصص فيجعلك تشعر بالتشابه بينه وبين قنوات المنوعات فهو يهري في السياسة بثقة الخبير ويدلي بدلوه في الكرة بخبرة المدير الفني ولا مانع من النقد الفني كخريج المعهد الفني الصناعي.
هذه بعض من شخصيات قد تجدها في ذلك العالم ولكن هذا لا يعني وجود حسابات تعبر عن شخصيات عادية طبيعية مثلنا لكنها تتوه في الزحام أو تلزم الصمت لهول ما ترى. هناك المزيد من الشخصيات التي تجدها في هذا الفضاء السيبري نتناولها في مقالات لاحقة بإذن الله.
للتواصل مع الكاتب من هنا
اقرأ أيضًا: