عرفت حمدي عبد الرحيم في التسعينات، عرفته كـ قارئ لـ اللي بـ يكتبه أوائلها التسعينات، ثم في أواخرها كـ زميل، مش عايز أقول أستاذ علشان ما أكبروش، إنما هو أستاذي بلا شك، ثم كان رفيق في أشغال هنا وهناك، لكن الأهم إنه كان رفيق الـ 15 يوم بتوع التحرير، مع الكاتب هشام أبو المكارم.
شهادتي إذن في حمدي مجروحة، بس شهادتي في ناس كتير كده، إيجابا أو سلبا، فـ أكيد فيه سبب لـ اختياري حمدي أبدأ بيه الكلام عن مكتبتي.
حمدي نوع من الكُتاب اللي مش ناقصه حاجة علشان يبقى كاتب عظيم، عنده رواية “سأكون كما أريد” ومجموعة قصصية “ليلة دخلة شيماء” وكتابات صحفية: مقالات وتحليلات، وكتابات ساخرة، وكلها من الطراز الرفيع، ممكن تختلف مع المنطقة اللي بـ يكتب منها، أو رأيه السياسي وغير السياسي، ممكن، لكنه في المنطقة اللي بـ يكتب منها مؤكد في الصف الأول.
لكن مع ذلك تلاقي كتاب نصه، أو ربعه، واخدين أضعاف المساحة اللي هو واخدها، ليه؟ هو ده الموضوع، لـ إن الحكاية في مصر مش متوقفة على إنتاجك، لكنها معتمدة بـ الأساس على ما أسميه “خدمات ما بعد البيع”، وخصوصا خصوصا الدعاية، اللي ليها ألف شكل ولون، ومش من دلوقتي، من زمان الزمان.
حمدي من النوع الرومانتيكي، المثقف الثوري بـ جد، مش اللي طلعت له ثورة على كَبَر مع 25 يناير، ثوري على كل الأوضاع “السيئة”، من وجهة نظره، لا يشارك في أي فساد من أي نوع، وما عندوش أي تطلعات مادية فعلا، ولا مهووس بـ الشهرة، يبقى مدير تحرير جريدة كبيرة، أو رئيس قسم، بـ مرتب خرافي، فـ ما تعجبوش حاجة، يستقيل عادي، وتقول له: عملت إيه يا عم حمدي؟ يقول لك: “خدت بـ حقي شتيمة”.
تعاطي حمدي مع الحياة فيه شوية من فاجومية أحمد فؤاد نجم، على ترفع علاء الديب، على روقان دماغ إبراهيم داوود، على مزاجية أمل دنقل (وشيء من حدته)، على سِنّة مخ صعيدي مقفل كل ده، فـ مش فارقة معاه، بس فارقة معانا.
الكتاب اللي حابب أتكلم عنه لـ حمدي، هو كتاب “فيصل – تحرير .. أيام الديسك والميكروباص” واحد من أعذب وأبدع الكتب اللي قريتها في حياتي دون مبالغة، بـ أكلمك عن إحساسي أكتر من دماغي.
حمدي كان من قاطني جمهورية فيصل الشقيقة، ولـ سبب ما، الشارع ده شهد سكن كتير جدا من العاملين بـ مهنة الصحافة، خصوصا الديسكاوية، ولو مش عارف الديسكاوية، خليني أحكي لك عنهم شوية بـ اعتباري ديسكاوي قديم:
في الجرايد، كل الجرايد، الصحفي بـ يجيب الخبر أو يعمل التحقيق، ويكتبهم يوديهم الجريدة، أو المجلة، حلو. بس لـ الأسف الشديد، تسعين فـ المية من صحفيين مصر، وأنا كده متفائل، ما يعرفوش يكتبوا مظبوط، لا من ناحية قواعد اللغة ولا ناحية الصياغة الصحفية، طبعا فيه درجات، بس الأغلبية في الدرجة التحتانية تمامًا.
يعني مثلا عادي جدا تلاقي واحد صحفي في الأهرام، كاتب اسمه هو شخصيا على الخبر غلط، تخيل الخبر جوه هـ يبقى ازاي؟
علشان كده، كل الجرايد في مصر، على الأقل أيامنا، كان عندها قسم اسمه “الديسك”، بـ يعيد صياغة الأخبار والتحقيقات اللي بـ يجيبها الصحفيين، ويعملوا العناوين، وخلافه، وغالبا الناس دول بـ يجيلهم اكتئاب، وبـ يروحوا بدري من اللي بـ يشوفوه.
سبب تسمية القسم ده كده، إنه الصحفي اللي قاعد على المكتب، على أساس إن اللي بـ يجيب الخبر يعني ميداني، بـ ينزل يجمع المعلومات من المصادر، هههههه.
الديسكاوية مسميين مهنتم “غسيل الألبسة”، على اعتبار يعني إن المادة اللي بـ تجيلهم هي عبارة عن لباس وسخ غالبا. وهو المسئول عن غسيله بـ حيث ما ننشرش غسيلنا كده قدام القارئ.
ده صحفي الديسك، اللي كان حمدي واحد من أبرز اللي اشتغلوا المهنة دي في مصر.
أيوه، الكتاب يعني عن إيه؟
خلينا المقال الجي
صباح الفل