نقلاً عن مجلة “7 أيام”
خلال أقل من أسبوعين أجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي مداخلتين هاتفيتين مع برامج تلفزيونية، الأول كان برنامج ” 360 درجة” تقديم أسامة كمال على قناة مصرية خاصة مفتوحة هي “القاهرة والناس” والثانية وهي الأهم لأنها كانت للتعليق على حدث ساخن مرتبط بتظاهرة لألتراس الأهلي كانت مع برنامج “القاهرة اليوم” تقديم عمرو أديب على قناة سعودية خاصة مشفرة هي “اليوم – أوربت” .
الدلالة السياسية للمداخلات تناولها المختصون في حينها، اليوم نتناول الدلالة الإعلامية ليس فقط من زاوية لماذا اختار السيسي كمال ثم أديب، فهو من البداية يرتاح لأسامة كمال ويتابعه لأن المداخلة هي الثانية، وأديب – حسب الكاتب عبد الله السناوي- كان الأكثر هدوءا في متابعة الحدث الساخن بستاد مختار التتش وأراد الرئيس أن تصل الرسالة من خلاله مع الوضع في الإعتبار أن أي مداخلة للرئيس على أي قناة ستصل لكل المصريين في وقتها، لكن الدلالة الإعلامية تشير هنا بوضوح إلى أن مؤسسة الرئاسة لا تزال ترى أن التلفزيون المصري هو آخر نافذة يمكن الوصول للرأي العام من خلالها، يحق الآن لكل إعلامي في قناة خاصة مفتوحة أو مشفرة أن يتمنى مداخلة من الرئيس وربما حوارا بالصوت والصورة، لكن سيظل أي إعلامي في “ماسبيرو” يعتبر ذلك مستحيلا على الأقل في المرحلة الحالية.
طوال فترة السباق الانتخابي لم يظهر المرشح للرئاسة عبد الفتاح السيسي على شاشات ماسبيرو، الأمر كان ملفتا إلى حد بعيد، بعد عام ونصف العام من دخول القصر لاتزال أوضاع ماسبيرو المهنية والمالية تحتاج لتدخل قوي من الدولة لكن يبدو أن الإرادة السياسية غير متوفرة بعد .
رغم ما سبق ظن الكثيرون أن ظهور برنامج “أنا مصر” سيكون طوق النجاة لماسبيرو حتى يعود للمنافسة من جديد، ويحظى بشرف استقبال مداخلة من رئيس الجمهورية، على الأقل تخرج الأخبار لتقول أن الرئيس صرح للتلفزيون المصري لكن ذلك لم يحدث بل تنهار فرص “أنا مصر” في الوصول لهذا المستوى يوما تلو الآخر بسبب الأساس الذي قام عليه البرنامج، والذي يؤكد أن التنفيذ مستحيل دون تخطيط حقيقي .
لم نسمع من قبل عن برنامج يجمع الإعلاميين من عدة قنوات ومن مختلف التوجهات والمدارس المهنية ليقدموا برنامج يحمل اسم مصر، بل اللافت أن معظم الكبار نجحوا في الانصراف قبل الإنطلاق، وحده شريف عامر حمل خلال الشهر الأول مهمة توفير “الحصريات” للبرنامج قبل أن ينسحب بعدما أكد أن قناة إم بي سي مصر هي الوحيدة التي تعاونت مع فريق “أنا مصر” رغم أنها نفس القناة التي كان اتحاد الإذاعة والتلفزيون يطالب باغلاقها بسبب أزمة سخرية سيد أبو حفيظة من ماسبيرو، في نفس الشهر انسحب إعلامية أخرى هي رضوى الشربيني قبل أن يحفظ الجمهور ملامحها، أما إيمان الحصري فلم تذهب للستديو ولا مرة رغم وجود صورها على الإعلانات التي فاق عددها في شوارع مصر عدد مشاهدي البرنامج .
في البداية قالوا أن البرنامج يتبع جهة سيادية لهذا لم يتدخل ماسبيرو في التفاصيل، سرعان ما انكشفت الخدعة بسبب سوء المستوى وضعف المذيعين، ثم عادت لماسبيرو بعضا من هيبته فدفع باثنين من أبناءه هما شريف فؤاد وشيرين الشايف لانقاذ ما يمكن انقاذه، لكن بقى “العقل” الذي يدير البرنامج كما هو، والدليل أنه البرنامج الوحيد الذي بث خبرا يقول أن السجادة الحمراء إياها ما هي إلا “طلاء باللون الأحمر” ، وهو ما تزامن مع مداخلة من مصدر مسئول بالشئون المعنوية لكل البرامج تقريبا يوضح فيها لماذا وكيف يتم استخدام السجادة.
الواقعة المؤسفة ما هي إلا تأكيد جديد على أن الأزمة ليست في الإمكانات ولا في الأجور ولا انصراف الجمهور، ولكن في “العقول التافهة” التي يتم الاعتماد عليها لتوصيل الرسالة للجمهور، لنصل في النهاية إلى برنامج يمثل البلد كلها، ويقول بفخر “أنا مصر” فيما عندما يريد الرئيس أو الحكومة أو حتى أصغر وزير الوصول للناس لا يفكر في التواصل مع ماسبيرو أو حتى المرور من أمامه .
إما أن يتغير برنامج “أنا مصر” بالكامل وتتاح الفرص لمحترفين حقيقيين يقدمون للناس مضمونا تنافسيا أو من حقنا كمصريين أن نطالب بتغيير اسمه بدلا من “أنا مصر” ليصبح “أنا فشلت” .
.