الشعب قام بثورتين في أقل من عامين من أجل إقامة العدل وتحقيق الحرية والكرامة الإنسانية.
الدستور يؤكد أن جميع المصريين سواسية ولا أحد فوق المحاسبة.
القانون ينظم عملية محاسبة الجميع في حالة ارتكاب أي مخالفة أو جريمة.
الرئيس عبد الفتاح السيسي يشدد يوميا بل وكل ساعة وفي كل لقاء على أنه لا حصانة لأحد من إعمال القانون والدستور عليه.
الحكومة تعمل جاهدة لإظهار أنها لا تتستر على أي مخالف حتى لو كان مسئولا في هذه الحكومة.
كل هذا نظريا جميل جداااااا.
ولكن الواقع غير ذلك تماما، بل أن الواقع يقول إن كل هذا مجرد أحلام عند الشعب وقد تكون عند الرئيس والحكومة رغم أنها مكتوبة في الدستور ومنظمة في القانون.
ولكن يا عزيزي متى تم تنفيذ القانون والدستور في بلادنا؟
الواقع يقول إن وزارة الداخلية تتصرف كما لو كان لا يعنيها كل ذلك، فالظاهر لنا أنها لا تعترف بقانون ولا دستور ولا شعب ولا حتى رئيس أو حكومة.
الداخلية يبدو أن عندها الأهم من كل ذلك هو أمين الشرطة.
نعم يبدو أن أمين الشرطة أهم من الدستور والقانون والرئيس والحكومة والشعب بل والضابط والداخلية نفسها.
ولقد كان المخرج الرائع الراحل يوسف شاهين بديعا وذو نظرة ثاقبة حينما أراد مناقشة تجاوزات الشرطة في فيلم “هي فوضى” فجعل البطل في كل التجاوزات أمين الشرطة حاتم.
وقد كتبت من قبل في قصة تجاوزات أمناء الشرطة ووصفتهم بأنهم يحكمون وزارة الداخلية، ولكن الآن أقر وأعترف بأنني كنت مخطئا ومهونا من قدرة أمناء الشرطة فالواقع الآن يقول إنهم يحكمون الدولة كلها وليس وزارة الداخلية فقط.
ففي واقعة اعتداء أمناء الشرطة على أطباء مستشفى المطرية اجتهدت الداخلية وبذلك قصارى جهدها لعدم محاسبة أمناء الشرطة وبرغم الغضب العارم من جانب الأطباء ونقابتهم وانتقال هذا الغضب للشارع العام إلا أن وزارة الداخلية لم تحرك ساكنا ولم تتخذ أي إجراء نحو حتى إيقاف هؤلاء الأمناء عن العمل حتى انتهاء تحقيقات النيابة في الواقعة بل لم يصدر أي تصريح يؤكد محاسبة هؤلاء الأمناء وتقديمهم للعدالة في حال ثبوت تورطهم.
وبرغم الغضب الشعبي من تلك الواقعة على وجه الخصوص ورغم أن الغضب الشعبي دائما يكون موجها لرأس الدولة باعتباره الوحيد الملتزم أمام الشعب بوعود قطعها على نفسه قبل وبعد انتخابه رئيسا فإن وزارة الداخلية لا تلقي أي بال لمثل هذا الغضب ولا تراعي صورة الرئيس أمام شعبه والأهم عندها كما يبدو لنا كل يوم هم أمناء الشرطة.
ولمن يريد التأكد من ذلك فعليه مراجعة أي واقعة تورط فيها أمين شرطة بتجاوز ما فسيجد أنه إما لم يقدم للعدالة أصلا أو قدم للعدالة وخرج من القضية كخروج الشعرة من العجين، فحتى الضباط يتم حسابهم ولو شكليا أما أمناء الشرطة فمن الواضح أن لا أحد يستطيع الاقتراب منهم وحتى واقعة إطلاق أمين شرطة النار على مواطن أمام بالدرب الأحمر قرب مديرية أمن القاهرة بدأت مساعي الداخلية مبكرا للطرمخة عليها حتى قبل أن تتحقق من تفاصليها.. فامين الشرطة أصبح خطا أحمر في مصر.