نقلاً عن مجلة “نيوز ويك”
أجرت جريدة نيوز ويك العالمية حواراً مع مصطفى صقر رئيس مجلس إدارة جريدة “ديلي نيوز” إيجيبت، للحديث عن النجاحات التي حققتها الجريدة خلال الفترة الماضية، وعن أهم انفراداتها، مثل حوارها مع الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال منتدى دافوس الذي عقد الشهر الماضي في سويسرا، وحوارها مع قيادات من قطاع الأعمال، أبرزهم نجيب ساويرس، كما ألقى “صقر” الضوء على الفرص والتحديات التي تواجهها جريدة “ديلي نيوز” بشكل خاص وصناعة الصحافة والإعلام في مصر بشكل عام.
وفيما يلي نص الحوار:
– كيف يمكن المنافسة مع الاعلام الحكومي؟ وما هي ابرز المميزات والعيوب مقارنة مع الاعلام الحكومي؟
من الصعب ادارة جريدة مستقلة في مصر في ظل التباطؤ الذى شهده الاقتصاد المصرى منذ العام 2010، والذى وصل فى فترات سابقة إلى حد الركود، فضلا عن عدم وجود آلية واضحة لتداول المعلومات، بالإضافة إلى مواجهة المنافسة غير العادلة والمتمثلة فى دعم الحكومة المستمر للصحف المملوكة لها.
ونجحت الجريدة فى السباحة وسط تيارات عاتية، محاولة الإبقاء على شراع الاستقلالية مرفوعا رغم الأنواء، وهو أحد أبرز الأصول الصحفية غير القابلة للمساومة عليها.
و نجحت “ديلي نيوز” من خلال الحيادية والمصداقية فى أن تتحول إلى صوت مصرى للعالم، وهو ما دفع المعلنين لحجز مساحاتهم على صفحاتها، كما أؤكد أن الجريدة لم تواجه أيه مشكلات مع الجهات الحكومية فيما يتعلق بمسألة الاستقلاليه.
– ما هو حجم الصعوبة في ان تكون جريدة مستقلة في مصر؟ وهل واجهتم مشكلات مع السلطات الحكومية؟
المنافسة مع الاعلام الحكومي محدودة في الصحافة الانجليزية ، فهناك صحيفة يومية واحدة تنطق بلسان الدولة وأخرى أسبوعية، وبالتالي لا تتمتع بالاستقلاليه التي تمتلكها “ديلي نيوز ايجيبت” وهذة ابرز ميزات ديلي نيوز.
أما عند المقارنة بالاعلام الحكومي، فنجد أن علينا الاعتماد على أنفسنا فى مقابل الدعم اللامحدود من الدولة لمطبوعاتها.
لقد واجهنا أوقاتا عصيبة للغاية خلال السنوات الماضية قبل أن تتحسن الأمور مؤخرا، بينما صحف الدولة مستمرة حتى لو لم تحقق ايرادات تذكر.
– كيف ينمو قطاع الاعلام في مصر وما هي محفزات النمو؟
أعتقد ان سوق الاعلام في مصر شهد تراجعا كبير خلال 2015 سواء في المرئي والمقروء وحتى المسموع، بسبب ضعف أداء الاقتصاد المصري بعد خمس سنوات من الثورة والتي أثرت سلبا وبشكل كبير على الاعلانات في كافة الوسائل وأدت لتسريح العمال والموظفين والصحفيين في بعض المؤسسات بالاضافة لاجراءت تقشفيه صارمة في بعض الأحيان.
– كيف ترى تطور قطاع الاعلام في مصر وهل يسمح بالاستثمار الاجنبي في هذا القطاع؟
يمر القطاع الإعلامى فى مصر بعملية تصحيح عنيفة، تنفجر فيها كل الفقاعات التى لم تقم على أسس اقتصادية سليمة، ونشهد تعثر عدد من وسائل الإعلام واختفاء عدد آخر من تلك التى ظهرت فى موجات ما بعد يناير 2011، والتى كانت معتمدة على الإنفاق المباشر من بعض الشخصيات أو الجهات لتحقيق أهداف معينة سياسية أو شخصية.
وبعض وسائل الإعلام الأخرى كانت ببساطة استثمارات فاشلة، والقطاع يعيد هيكلة نفسه وفقا للمعطيات الاقنصادية والبقاء سيكون للأقوي والأفضل وغير المرتبط بظروف سياسية مثل الانتخابات ، وفي الغالب لا يسمح القطاع بالتمويل الاجنبي إلا في بعض المواقع الاليكترونية الفردية، بسبب القوانين الحادة في الملكية والرقابة على هذ القطاع.
– ما هو حجم الزيارات لموقع ديلي نيوز ايجيبت وحجم النمو المحقق في 2015؟
خلال العام 2015 جذبت “ديلي نيوز ايجبت” 10 ملايين مستخدم للموقع الاليكتروني شاهدوا ما يزيد عن 30 مليون صفحة ، بنمو 25% عن العام 2014 ، وتستهدف الجريدة الوصول بعدد المستخدمين للموقع خلال 2016 الى 15 مليون يشاهدون 50 مليون صفحة.
وبالنسبة للعدد المطبوع وزعت ديلي نيوز على مشتركيها وقائمة العملاء الهامين 3 ملايين نسخة قرأها في المتوسط 15 مليون قارئ في قطاعات رئيسية مثل السياحة والفنادق والمؤسسات المالية الكبري وقاعة كبار الزوار في مطار القاهرة بالاضافة لطائرات مصر للطيران ، وكذلك زوار المؤتمرات والمعارض التي تشارك فيها “ديلي نيوز ايجيبت” حيث رعت ما يزيد عن 75 حدثا في مصر ودول الخليج وبريطانيا .
– ما هي الفئات التي تزور موقع ديلي نيوز ايجيبت؟
يأتي 75% من قراء ديلي نيوز في الشريحة العمرية بين 18 و50 سنة، وتتوزع نسبة القراءة الى 55%للرجال و45% للإناث.
– كيف استجاب المعلنون لتطور ديلي نيوز خلال العام الماضي ؟
حققت ديلي نيوز ايجيبت نموا هائلا في الاعلانات خلال 2015 بعد اعاده هيكلة النسخة المطبوعة وزيادة صفحاتها و إطلاق الموقع الاليكتروني الجديد بالاضافة إلى تطبيق الجريدة على “أبل ستور” و”بلاي ستور” وتطبيق قراءة الصحف على سامسونج.
– هل هناك نية لتغيير نموذج الأعمال بجريدة ديلي نيوز ايجيبت؟
نموذج الأعمال بالنسبة لديلي نيوز ايجبت واضح وقائم على توزيع الايرادات بواقع 70% من الاعلانات و20% من الاشتراكات و10% للاعلانات على موقع الجريدة، ونستهدف في العام 2016 زيادة نسبة اعلانات الموقع لتصل الى 20%، على أن تزيد الى 50% من حجم الايرادات السنوية خلال خمس سنوات .
– هل تحقق ديلي نيوز ايجيبت ربحية؟ وكيف تستهدفون تطوير أعمالكم؟
تمكنت ديلي نيوز من تحقيق الربحية خلال 2015 بعد اربع سنوات من الخسائر الكبيرة بسبب عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي في أعقاب ثورة يناير 2011 ، و تخطط الجريدة للتوسع خلال 2016 مع هدوء الأوضاع السياسية واتجاه الاقتصاد للاستقرار، وقامت بالفعل مع نهاية 2015 بزيادة عدد موظفيها بنسبة 20% وتسعى لزيادتهم مرة أخري بنفس النسبة، لتواكب خطط الجريدة في تغطية قطاعات جديدة الى جانب القطاعات الرئيسية مثل السياسة والاقتصاد والفن والثقافة.
– هل لديكم خطة للتوسع في قطاعات اعلامية أخرى ولماذا؟
لدينا خطة لانتاج برامج تليفزيونية معنية بالشأن الاقتصادي لكنها مرتبطة بشكل كبير بتحسن السوق الاعلاني، ونستهدف من هذه الخطوة فتح آفاق أوسع للنمو والايرادات ، وقد بدأنا على نطاق ضيق بانتاج فيديوهات شبه يومية يتم عرضها على قناة اليوتيوب الخاصة بـ”ديلي نيوز ” لتكون نواه للبرنامج عند اطلاقه.
– برأيك ما هو دور الاعلام المستقل في التطور الاجتماعي والاقتصادي في مصر؟ ومدى مساهمة “ديلي نيوز ايجيبت” في ذلك ؟
لدينا إحدى أكثر المطبوعات ليبرالية فى هذه المنطقة من العالم، وساعدنا التنوع الفكرى والثقافى الكبير لفريق العمل على التركيز على طيف واسع من القضايا، والتفكير بحرية تجاه الكثير من المسائل.
نحن صورة مصغرة من مصر التى نرغب فى أن تكون، فى تعدديتها وإبداعها وحريتها، وانتصارها لحقوق المهمشين، والمرأة، التى تمثل جزءا كبيرا من فريق العمل.
فصفحات الجريدة تمثل طاقة نور، تطرح فيها الكثير من الأفكار والرؤى بحرية، ولدينا القدرة على الإجابة على الكثير من الأسئلة التى تدور فى أذهان الناس، نظرا للقدرة على الوصول إلى عدد من أهم مصادر المعلومات بمصر.
بالإضافة إلى الجانب الفكرى، تتيح لنا استقلاليتنا مناقشة القضايا والأخبار بتجرد، ولدينا ما يمكن وصفه بالسياسة الأكثر صرامة للفصل بين المصالح فى أى مؤسسة إعلامية مصرية، بما يعنى أن أى خبر مهم سيظهر على صفحاتنا، ولن يتم إخفاء أية معلومات.
ورغم أنه شىء نفخر به إلا أنه يؤسفنا القول أنه فى ظل الاستقطاب الحاد الذى تعيشه مصر حاليا سيجد القارىء لدينا الأخبار الصادقة – التى صارت عملة نادرة فى بلادنا- بعيدا عن التهليل للحكومة أو العداء معها.
– بصفة عامة كيف ترى الاقتصاد المصري وقدرته على التعافي؟
الاقتصاد المصري لا يسير على خط مستقيم طيلة الوقت منذ يناير 2011، وتمكن فى السنوات الأربع الماضية من عكس اتجاهه أكثر من مرة،وكثيرا ما رأينا محاولات ناجحة لإنقاذ الأوضاع فى ذروة السقوط، وأيضا رأينا انتكاسات كبيرة فى الأوقات التى اعتقدنا فيها أن الأمور أصبحت على مايرام.
وأمضينا السنة ونصف الماضية أطول فترة تفاؤل متصلة منذ العام 2011، وارتفع معدل النمو إلى 4.2% لأول مرة منذ 2009، كما تراجعت البطالة لأول مرة فى 4 سنوات لكنها لاتزال فوق ال10%، وعادت الاستثمارات الأجنبية لتتدفق بمعدلات مشابهة لنظيرتها قبل ثورة يناير، وتحسن التصنيف الائتمانى عدة مرات رغم أنه لايزال متدنيا، وفى نفس الوقت رحبت أسواق الدين العالمية بعودتنا إليها لأول مرة منذ سنوات طويلة، وجرى حل جزء كبير من أزمة الطاقة وطرحت الدولة مشروعات ضخمة فى البنية التحتية.
غير أن السحب بدأت تتجمع بكثرة فى سماء الاقتصاد المصرى منذ نهاية أكتوبر الماضى عندما استيقظ العالم على خبر سقوط طائرة روسية فوق سيناء ما ساهم فى تدهور فوري لقطاع السياحة الذى يساهم بأكثر من 12% من الاقتصاد، ويتسم بكثافته التشغيلية حيث يعمل به ملايين المصريين، ويعد ثالث أكبر مصدر للعملة الأجنبية بعد الصادرات وتحويلات المصريين فى الخارج.
وفى كل الأحوال يعتمد جزء كبير من التعافى الاقتصادى لمصر على قدرة الحكومة والبنك المركزى على حشد أكبر قدر من التمويل الأجنبى خلال الفترة المقبلة، لإنقاذ البلاد من أزمة عملة طاحنة، أدت لتباطؤ كثير من أنشطة الاقتصاد المهمة مثل الصادرات، وتنذر بتضخم وشيك فى الأسعار المتضخمة أصلا.
ويتعين على الحكومة أن تطبق خططها المعلنة لزيادة الإيرادات وترشيد الإنفاق العام قدر الإمكان ، بعد أن رأينا هذه الخطط تنحى جانبا فى كثير من الأوقات لاعتبارات سياسية.
فى النهاية لا نملك إلا القول أن التعافى الاقتصادى مهدد بشدة نتيجة أزمة العملة، واحتمالات العودة لخفض التصنيف الائتمانى والذى بدأت ملامحه فى الظهور، واستمرار ارتفاع عجز الموازنة إلى ما فوق 9%، وتدهور القطاع السياحى واحتمالات عودة معدلات البطالة للنمو، إضافة إلى صعوبة تحقيق الهدف الموضوع للنمو الاقتصادى خلال العام المالى الحالى عند 5%، والذى قد يتراجع إلى 3% فى أحسن الأحوال بحسب الخبراء.
– كيف ترى الاجراءات الحكومية المتخذة لجذب الاستثمار الاجنبي لمصر؟ وما هو المطلوب لتحفيز هذا الاستثمار؟
اعتمدت الحكومة خلال الفترة الماضية على خليط من الإصلاح والترويج، لكن أيا من المسارين لم يكتمل إلى النهاية، وعقدت خلال مارس الماضى مؤتمرا مدويا لجذب المستثمرين والترويج لمحفظة ضخمة من المشروعات التى تراوحت بين البنية التحتية والسياحة والخدمات، وتمكنت من توقيع عدد كبير من الاتفاقات المبدئية مع شركات عالمية ومحلية.
بالتوازى مع ذلك خرج إلى النور وبعد فترة طويلة من الشد والجذب أكبر تعديل تشريعى على القوانين المنظمة لبيئة الاستثمار، وشملت التعديلات نحو40 قانونا وضعت كلها فى قانون واحد، كان هدفه جمع كافة الجهات التى يتعين على المستثمر التعامل معها فى مكان واحد، غير أن القانون الذى صدر فى مارس الماضى ظل معطلا حتى يوليو لحين صدور لائحته التنفيذية، وماحدث بعد ذلك لم يكن ما بشر به القانون على الإطلاق.
ولا تزال هيئة الاستثمار الجهة التى قال القانون أنها ستصبح وكيلا عن المستثمر تعج بالفوضى، وتحاول استيعاب المهام الجديدة التى أضيفت إليها، وماقاله وزير الاستثمار عن تطوير العناصر البشرية فيها مايزال بعيدا عن التحقق.
ويظهر موقع مصر فى تقرير ممارسة الأعمال الذى تصدره مؤسسة التمويل الدولية فجوة بحجم المحيط الأطلنطى بين ما نرغب فيه وبين الواقع على أرض بيئة الأعمال فى مصر.
ويكشف التقرير أن هناك ملفات كثيرة ينبغى العمل عليها لتحسين بيئة الأعمال، مثل صعوبة الحصول على التراخيص، خاصة تراخيص البناء والتشغيل، وصعوبة فض المنازعات التى قد تستغرق أكثر من ألف يوم، وإنفاذ العقود،وتحسين جودة إمدادات الكهرباء، وتحسين كفاءة النظام الضريبى.
ولتحسين بيئة الاستثمار فى مصر وجعلها تنافسية، يتعين على الحكومة حل أزمة التراخيص بالدرجة الأولى، وتوفير الأراضى المرفقة لإقامة المشروعات الصناعية، وإصدار قانون طال انتظاره لتنظيم عملية الخروج من السوق، وتحسين قوانين العمل، وزيادة الاعتماد على التكنولوجيا للتخلص من الأعباء الضخمة التى يسببها الجهاز البيروقراطى غير الكفؤ.
كما ينبغي تحسين مستويات الشفافية وطرح المشروعات الحكومية عبر مناقصات، وليس عبر الإسناد المباشر كما يحدث حاليا، وتعزيز قوانين حماية الملكية الفكرية الضعيفة.
إضافة إلى ماسبق فإن العنصر الحاسم على المدى القصير فى تحسين مناخ الأعمال فى مصر هو حل أزمة نقص العملة الأجنبية، وحسم توجهات البنك المركزى وتبني نظام لسعر الصرف يقوم على توافر السيولة بالدرجة الأولى وليس استهداف سعر محدد للعملة.
– على المستوى الشخصي ما الذي تراه كأعظم انجازاتك في القطاع العملي وما هي التحديات التي تواجهك في المستقبل؟
أسست شركة بزنس نيوز للصحافة والنشر والتوزيع مع الزملاء سعد زغلول وحسين عبدربه والتي اطلقت بدورها جريدة البورصة الاقتصادية اليومية ، وساهمت مع الفريق من خلال بزنس نيوز في انقاذ جريدة ديلي نيوز من الاغلاق بعد الاستحواذ عليها مطلع 2012 واعادة هيكلتها وتعيين فريق تحرير للجريدة يضم سعد زغلول وعماد السيد ونيفين كامل ساهم في وضعها على الطريق الصحيح.
وأتطلع مع الفريق خلال الفترة المقبلة للتوسع بجريدة البورصة في منطقة الخليج وكذلك جريدة ديلي نيوز ايجيبت عبر الوسائل الاليكترونية المختلفة، كما نسعى لشراكات مع أعرق الصحف العالمية لتمثيلها في مصر وخلق فرص نمو لمطبوعات المؤسسة.
.