نقلاً عن جريدة “المقال”
يحتاج الرئيس السيسي في هذه اللحظة إلى وقفة تعبوية، وإن لم يكن يعرف ذلك فهو في حاجة ماسة إلى أن يعرف أنه يحتاج إليها!
بلغة الجيش، فالمعركة الآن ف مرحلة تستحق وقفة تعبوية عاجلة لاستعادة قدرات القوات وإعادة النظر في مجريات وتطورات ساحة الحرب والظروف المحيطة التي تفرض احتياجات وقرارات جديدة.
البلد حاله كده بالضبط.
أى محاولة للنفخ مثلاً في أهمية انعقاد مؤتمر شرم الشيخ المنعقد حاليًّا عن الاستثمارات في إفريقيا ستلقى فتورًا كبيرًا، طبعًا أقدِّر تمامًا المجهود وإحساس القائمين عليه أنهم بصدد عمل مهم للبلد، ولكن الحقيقة أن الناس خاب أملها في مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي في مارس الماضي، ومن ثَمَّ لا شىء يهزّها في مؤتمر فبراير الحالي.
هذا فارق كبير في الرأى العام المصري من صناعه إلى مستهلكيه يكشف عن المستوى النازل في الطاقة الإيجابية وفي الحماس وفي الأمل الذي تهبط قلوب المصريين إلى أسوأ منحدراته!
إذا لم يكن الرئيس يرى هذا فالخطر يتكاثف أكثر.
إذا كانت الأجهزة الأمنية تخدع رئيسها بتقارير ملونة وزاهية متفائلة أو تسوِّد أوراقها بفزع وجزع من خطر الإخوان مما تدفع الرئيس لإطلاق يدها في البلد تغلق كل نوافذه وتعيده إلى ما قبل خمسة وعشرين يناير فهذا ما يعني خطرًا هائلاً من إدارة الحكم على الحكم نفسه بل وعلى البلد.
قدر هائل من الغرور حين يحدّثك البعض عن الإنجازات، وقدر هائل كذلك من المخاوف والهواجس التي تملأ عقول المسؤولين في مصر.
ما هذا التناقض الرهيب؟
للأسف مصر محاصرة بمحدودي الموهبة ومتوسطي الكفاءة الذين يديرونها، ومن ثَمَّ هي تغطس في مشكلاتها نفسها وترتكب خطايا كل العصور السابقة في عصر واحد:
– التناقض بين القول والفعل.
– الفجوة بين الوعود والواقع.
– الشعور المرضي بالمؤامرة.
– أهل الثقة والولاء لا أهل الخبرة والكفاءة.
– الطنطنة ضد الفساد.
– الكيل بمكيالين.
– إطلاق يد أجهزة الأمن في البلد.
– التعذيب في الأقسام والتوسُّع في الاشتباه وانتهاك حقوق المواطن الإنسانية.
– العصف بالدستور وخرقه والتحايل عليه.
– نفاق الرئيس وتمجيده وتحويله إلى الرئيس الملهم.
– الجهل السياسي المطبق.
– الحلول الاقتصادية القديمة.
– النفاق الفج الرخيص.
هذه ليست أوصافًا لبعض ما يجرى بل هذا هو فشل ممنهج نراه يتراكم أمامنا كل يوم تحت رعاية وحماية من كل أجهزة الدولة.
لماذا؟
لأن مصر بجلالة قدرها وعظمة تاريخها وعمق حضارتها وضخامة مشكلاتها لا تملك فى إدارة حكمها شخصًا واحدًا يفهم فى السياسة.
كلهم جنرالات ولواءات وموظفون لا يملكون ذرة من خبرة في إدارة الحكم.
مشكلة مصر أنهم يتصورون حكمها على طريقة إدارة إحدى الشركات أو إحدى السرايا، كتيبةً أو مصنعًا، مزرعةً أو ورشةً، لهذا تفلت المسألة كل يوم وتتزفلط من أياديهم فيحسبون أنها بسبب مؤامرة فينشطون جدًّا فى الفشل حيث يتخبطون بين تقليد ما كان يفعله النظام القديم أو التطوُّع بأفكارهم الساذجة الخلاقة!
الاقتصاد يذهب إلى أكثر المناطق وعورة، والحكومة هشَّة وفارغة وشديدة السطحية، ومجلس النواب بين شعبوية الشارع وغوغائية الأجهزة، والداخلية تشرف بنفسها وبغرور مذهل على إشعال غضب الشعب ضدها، والإعلام يمارس دوره التقليدي الفطري في النفاق والتضليل الرخيص.. وطبعًا الناس محبطة.
اقرأ أيضًا:
.