رائد عزاز يكتب: مثقفون يعشقون الكرة بجنون!

نقلاً عن “جريدة الفريق”

لعبة كرة القدم حظت بهامش كبير في الأدب الغربي حيث كتب عنها كبار الفلاسفة و المفكرين مثل جان بول سارتر و ألبير كامي و إدواردو جاليانو , كذلك نالت اهتماما ملحوظا من الأدباء و الشعراء العرب الذين عبروا عن عشقهم لها بقصائد و مؤلفات عديدة كان أبرزها رواية محمد البساطي ( دق الطبول) و رائعة خيري شلبي (صحبة العشاق) التي وصف فيها تلك الرياضة بأنها سيمفونية الفقراء , لكن علي الجانب الأخر نجد عددا من مشاهير الكتاب المصريين يتجاهلها في أعماله بل و يستنكر على نجومها المكانة المرموقة التي اقتنصوها على حساب أهل الثقافة…توفيق الحكيم عبر عن ذلك بمقولته الشهيرة : انتهي عصر القلم و بدأ عصر القدم , لقد أخذ هذا اللاعب في سنة واحدة ما لم يأخذه كل أدباء مصر منذ أيام أخناتون!.
سأستعرض معكم قصص و حكايات فرسان الكلمة مع الساحرة المستديرة مستعينا بما كتبوه هم عن أنفسهم:

– (نجيب محفوظ) : تعلق بالكرة في صباه بعد أن شاهد بالصدفة مبارة بين فريق مصري و آخر بريطاني أنتهت بفوز الأول مما أصابه بالدهشة حيث كان يعتقد وقتها أن الإنجليز لا يخسرون أبدا!. بدأ في التدريب منفردا على المهارات الأساسية للعبة حتي أتقنها بدرجة كبيرة شجعته على تكوين فريق من أولاد الحارة أطلق عليه إسم قلب الأسد و كان هو الكابتن, بعدها لعب لفريق مدرسته الإبتدائية في موقع الجناح الأيسر – رغم أنه لم يكن أعسرا- و أحرز أهدافا كثيرة , ثم تحول أثناء دراسته الثانوية إلى مركز قلب الدفاع و تألق فيه بشكل ملفت جعل المتابعين يتببؤن له بمستقبل كبير داخل صفوف الأندية الكبري , إلا أنه هجر الرياضة عقب التحاقه بالجامعة و فضل التفرغ للأدب. كتب رواية في مطلع حياته عن لاعب كرة لكنها لم تعجبه فمزقها .. جريدة نييورك تايمز اختارته عام 2009 ضمن منتخب العالم للفلاسفة و الأدباء المهتمين بكرة القدم .

– (صلاح جاهين) : رباعياته الشهيرة تضمنت أبياتا تؤكد فهمه العميق لمصطلحات اللعبة وقواعدها : أنا قلبي كورة و الفراودة أكم..ياما أتنطح و أتشاط و ياما أتعكم..و أقوله كله هينتهي في الميعاد…يقولي بساعتك أنت و لا بساعة الحكم .. عجبي!. أتذكر أيضا مناوشاته مع محمود السعدني علي صفحات مجلة صباح الخير خلال فترة الستينيات حين راهنه أمام القراء على فوز الأهلي ببطولة الدوري لكن الإسماعيلي هو الذي حصد اللقب فكتب جاهين لصديقه هذه الرسالة : عزيزي السعدني.. هل ارتحت الآن و هدأت أعصابك؟ موعدنا العام القادم الذي أرجو أن يكون الأهلي فيه قد استعاد فريقه التقليدي و عندئذ ربما يكون الأول فيستحق منا التهنئة.

– ( أحمد فؤاد نجم) : ارتباطه الوثيق بالقلعة الحمراء دفعه لابتكار هتاف جديد: (يا أهلي يا حبي يا حتة من قلبي) الذي حوله بعد ذلك لعنوان كتاب يحتوي علي 33 مقالة أدبية و صورة تعبيرية. ثالث دواوينه الشعرية كان اسمه: (حكاية الأهلي و الزمالك) لكنه لم ينشر ضمن سلسة أعماله الكاملة لأسباب غير معروفة حتى الآن. تداعيات إلغاء اللقاء الشهير بين القطبين سنة 72 بسبب أحداث الشغب أوحت إليه بفكرة القصيدة العبقرية التي ربط فيها بين ما وقع على أرضية الملعب و بين ما يحدث داخل ساحة السياسة: (رجعوا التلامذة يا عم حمزة للجد تاني… يا مصر إنتي اللي باقية و إنتي قطف الأماني…لا كورة نفعت و لا أونطة).

– (عبد الرحمن الأبنودي) : الخال يروي لنا بأسلوبه الفريد حكايته مع الساحرة المستديرة :أنا عندي علاقة بكل الكرة الأرضية يبقى ازاي مش هيكون ليا علاقة بكرة القدم؟. كنت ليفربولي من الدرجة الأولي لأن الفريق ده هو اللي حببني في الكرة الإنجليزية , كمان بأحب الإسماعيلي لكن في الوقت نفسه ما أقدرش ما أحبش الأهلي علشان محمود الخطيب اللي بقى واحد من أصحابي المقربين. الواد ميسي ده معجزة لأنه بيعتمد على موهبته بس, إنما مارادونا بيسخر كل حاجة لمصلحته.. الأول شريف و الثاني لص. الفرق بين الكورة عندنا و بلاد بره عامل زي الفرق بين التليفون أبو قرص اللي كان في بيت العمدة زمان و الموبايل حاليا!.

– (أنيس منصور) : عموده اليومي بجريدة الأهرام احتوي ذات مرة علي الكلمات الآتيه : مسكين كل إنسان لايحب كرة القدم.. إنني أندم على كل السنوات التي مضت من عمري دون أن أقضيها في الجلوس داخل المدرجات كي أصرخ و أصفق و أهتف للكرة و هي تنطلق شمالا أو يمينا ..انظر إلي وجوه السياسيين و الكتاب لن تجد عليها إلا أثار الهم و الغم الذي يطيل ألسنتهم و أقلامهم و يقصف عمرهم.. المعمرين هم أكثر الناس لعبا أو تفرجا على اللاعبين..عندما تتمدد أمام الطبيب سوف تحسد مجانين كرة القدم.. العب العب يطول عمرك . يقول أنيس عن المعلق ميمي الشربيني: المؤكد أنه أخطأ طريقه للملاعب.. كان من الممكن أن يكون شاعرا أو رساما.

– (محمود درويش) : حكى في كتابه (ذاكرة للنسيان) قصة مشاهدته لإحدى لقاءات مونديال 82 داخل ملجئ ببيروت على شاشة تليفزيون يعمل بالطاقة المستمدة من محرك سيارة دائر بعد أن انقطع التيار الكهربائي نتيجة القصف الجوي. الشاعر الفلسطيني الكبير سطر مقالا بديعا عن مارادونا كان عنوانه: لن تجدوا دما في عروقه بل صواريخ , كذلك أثني مرارا علي قدرة باولو روسي التهديفية. موعد بداية إحدي ندواته تزامن مع إنطلاقة مواجهة كروية هامة بين اسبانيا و فرنسا فما كان منه إلا أن صعد إلى المنصة و قال : أشكركم على الحضور لكن من جهتي أنا كنت أفضل متابعة المباراة حتى لو كان المتنبي شخصيا هو الذي سيحيي الأمسية !.

للتواصل مع الكاتب عبر فيس بوك إضغط هنا

اقرأ أيضًا:

رائد عزاز يكتب: ورا مصنع الكراسي!

رائد عزاز يكتب: رسالة إلي ابننا حازم إمام

رائد عزاز يكتب: ميدو بيحب السنونو!

رائد عزاز يكتب: دولة الألتراس

رائد عزاز يكتب: مسائل جنسية في الشئون الكروية!

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا