عمر طاهر يكتب: إحنا بنتكلم كتير
نحن نتكلم كثيراً لنواجه أموراً لا نفهمها وغير مريحة، لكن الرئيس يستطيع أن يقضي على كل هذا في صمت.
تكاد تكون الملاحظة الأهم في خطاب رئيس الجمهورية الأخير، (إحنا بنتكلم كتير)، البرامج والنشطاء والنواب، حتى رئيس الجمهورية نفسه (بيتكلم كتير)، وهذه حقيقة يحاول الواحد ألا يتوقف عندها كثيراً في سياق محاولاته لتفادي التربص والوقوف على الواحدة أملاً في أن يفيد هذا الصالح العام.
يلاحظ الواحد أن الكريستالة ( المايك بلغة الأفراح الشعبية) عندما تقع في يد الرئيس يفتح الباب دائما لاستنتاجات يتمني الواحد ألا تكون صحيحة، الكريستالة تقود الرئيس معظم الوقت للحديث عن شخصه حتي لو كان هذا في إطار الكلام عن الوطن، ويمكن ملاحظة هذا بقوة في الخطاب الأخير، فالمحطات الرئيسية في خطاب الرئيس تتحدث عن إنجازاته وما قدمه، وهو يقدم إنجازاته في صيغة المدافع عن نفسه، في صيغة المعجب بها أيضاً وباستحالة أن تتحقق في زمن آخر، تتحدث عما سيقوله أمام الله تقييماً لمهمته، تتحدث عن وجهة نظره في أنه الوحيد الذي يستحق الآذان الصاغية، تتحدث عن أنه يقف بالمرصاد لأعداء مصر، تتحدث عن كونه لا يمانع في عرض نفسه للبيع إذا كان هذا في مصلحة مصر، تدور كلمات الرئيس معظم الوقت حول شخصه يدافع (انا لا باكدب ولا بلف وادور) ويهدد (هه) ويقيم (أنا عارف مصر وعارف علاجها)، ويعتقد أنه يتحدث إلى (كل المصريين اللي بيسمعوني) في حين أن المصريين الموجودين في القاعة لا يعبرون بصدق عن الحالة العامة خصوصا عندما ترى الحاضرين يصفقون لا إرادياً بل إنهم يصفقون لرئيس في لحظات الصمت بعد أن قرأوا في صمته بلاغة ما.
كلمات الرئيس تعطي إنطباعات مربكة ربما بسبب الإرتجال، والكلام الكثير يليق بنا أكثر من رئيس الجمهورية، نحن نتكلم كثيراً لنواجه أموراً لا نفهمها وغير مريحة لكن الرئيس يستطيع أن يقضي على كل هذا في صمت، ومع ذلك فالرئيس يطلب ألا نستمع لغيره الرئيس عايز يتكلم لوحده، وأخشى أن كلماته تتحول بالوقت إلي مرافعات حماسية تعبر عن كواليس لا نفهمها، وبث للروح الوطنية من منطقة (صبح على مصر بجنيه) وهي فكرة رائعة ولكنها تليق أكثر بحملة (أخلاقنا) لا بخطاب رئاسي يتحدث عن تنمية مستقبلية، أنا مواطن وربما أكون حالة وحيدة أشعر بثمة ارتباك مع خطابات الرئيس، أنا لا أتمنى لهذا البلد سوى التوفيق وأن يتجاوز هذه المرحلة لكن ثمة أشياء ناقصة مقابل إننا بنتكلم كتير وأولنا الرئيس.
نقلًا عن جريدة الأخبار