يكتظ الأسانسير بالبشر، الكل يحاول اللحاق بمراده، حديث واحد يدور بينهم جميعاً على اختلاف ثقافاتهم حول «اللهم احفظنا» ريهام سعيد، بعض منهم يؤكد أن الجن موجود وقدرته على «لبس الإنسان» لا جدال فيها، فيسارع آخر لنفى معتقداته ومن ثم نفى كل ما قدمته فى حلقة برنامجها «لا صبايا ولا خير»، قبل أن يبتسم ثالثهما وهو يطالبنى بإعادة نشر مقال سابق لى عن ظاهرة ريهام سعيد، لا أخفى سعادتى بمطالبته، فقررت أن أكافئه ونفسى بمقال جديد عن الظاهرة نفسها.
بين الثلاثة، أعترف وأنا فى كامل قواى العقلية أن -اللهم احفظنا- ريهام سعيد أصبحت فى غضون أيام أشهر إعلامية فى مصر وربما العالم العربى كله -ولا أدرى هل سمعت بها أوبرا وينفرى لتحذو حذوها أم لا؟- وأنها وفقاً لبحوث المشاهدة و«ريتنج القنوات» ستحتل الصدارة بالنسبة للمعلن وللقناة، وأعتقد أن حالة كهذه لن تدفع لمن ينول شرفها إلى أسئلة بلهاء من عينة «يا ترى أنا باشتغل إعلام صح ولا لأ؟»، وعلى فرض أنها واجهت نفسها بالسؤال، فلا أعتقد أن الإجابة التى ستأتيها من قرارة نفسها -الأمارة بالسوء- ستزيد عن «برافو عليكى».
يفترض الممثل أو المذيع -وكلاهما اختلط بالآخر- فى نفسه أنه إله «أستغفر الله العظيم» يحبه الناس لشخصه، لحركاته وإيماءاته، يظنون وأغلب الظن إثم أنهم منزَّهون، فى مرتبة تعلو البشر، ويفترضون فيمن يعارضونهم أو يرفضونهم أن معارضتهم ورفضهم هذا منطلق من غيرة أو حقد شخصى، هكذا تتعامل ريهام سعيد -اللهم احفظنا- مع معارضيها، تكاد تخرج لسانها على الهواء وهى تخاطبهم، لم يعد باقياً لها سوى أن تضع يداً فوق أخرى ساخرة «فلفل.. شطة»، أتصور أنها ستفعلها، بمجرد أن تضيق عينيها الضيقتين بالفعل، وتخفض صوتها ليكاد يشبه الفحيح، شاخصة إلى الكاميرا تكاد تثقبها بنظراتها الحادة، ثم تستدعى حالة الدروشة، وتبدأ فى خطاب معارضيها «أيوه انت عارف نفسك، عاملّى فيها بتعرف ربنا، طب صلّى يا أخى، مش خايف من حسابه، مش خايف من عقوبة رمى المحصنات، مش خايف من غضب ربنا، طب مش خايف من ضميرك، انت عندك ضمير انت……» إلى آخرها من العبارات المحفوظة، التى سيسجلها التاريخ كسابقة إعلامية توجهها المذيعة تارة لضيف أمام الكاميرا وأخرى لمجهول لا يعرفه سواها، بطريقة تسمى فى عرف المهنة -تلقيح الكلام- وفى عرف الأمثال الشعبية «تلهيك وتجيب اللى فيها فيك»، لتنتهى بالحالة التى تصر على تصديرها للجميع وملخصها «يا كيداهم يا ريهام.. يا فرساهم يا ريهام.. كبة أنا قاعدة على قلبكم».
تنتهى فقرة «الثعبان الأقرع» سائل الأرواح، لتبدأ فقرة «الترافيك الأعمى» تتبارى المواقع فى نشر محتوى الحلقة، وكلما كان العنوان «سخن» وبعيداً عن المضمون، زاد «الشير واللايك والمشاركة»، وبزيادتها تزيد حسابات المعلن وصاحب القناة فى البنوك، ويزيد سعر ريهام سعيد فى سوق هى أحقر وأدنى من سوق النخاسة، ويزيد تغييب المواطن «الغائب بالفعل عن المنطق والواقع».. ولا يقل سوى صنف واحد «الماسك على إعلامه» فهو بحق «القابض على جمر النار»
إليكِ يا «ريهام»، وإلى أمثالك ممن يُلبسون الحق بالباطل والباطل بالحق، ويدَّعون ما ليس فيهم من فضيلة ويرسخون لإعلام هو برىء من الإعلام.. إليكم جميعاً: «انصرفوا.. لا تؤذونا ولا نؤذيكم».
نقلًا عن “جريدة الوطن”
اقرأ أيضًا:
ريهام سعيد ضيفة خالد صلاح اليوم الاثنين