نقلًا عن جريدة “المقال”
في أثناء جلوسي أول من أمس على أحد الكافيهات و أمامي جريدة المقال مفتوحة على الصفحة المنشور بها مقالي عن قضية محمد أبو تريكة باغتني الجرسون الشاب بسؤال وهو يضع فنجان القهوة أمامي ناظرا للصورة المنشورة للنجم الكبير: ينفع كده يا أستاذ الكلام اللي كاتبينه ده عن تريكة؟ فأجبته بهدوء: إنت قريته؟ فرد بعصبية: لا بس أنا عارف إن الصحفيين دول بيقبضوا من أمن الدولة علشان يعملوا حملة على الراجل اللي كلنا بنحبه! اكتفيت بالابتسام من أجل إنهاء هذا الحوار العبثي دون أن أخبره بالطبع أنني صاحب هذه الكلمات التي أملاها عليّ ضميري وليس جهاز المخابرات.
تلقيت في نفس اليوم كمّا مهولاً من الاتصالات و المراسلات التي تراوحت الآراء فيها ما بين مؤيد ومعارض لطريقة عرضي لقضية النجم المحبوب، و هو ما يعكس بوضوح مدى اهتمام الناس بها وبه، لذلك قررت أن أواصل اليوم الكتابة عن نفس الموضوع لكن برؤية مختلفة سأستعرض من خلالها كل الآراء التي هاجمتني -أو على الأقل اختلفت معي في وجهة النظر -مع ردي عليها:
1- (إنت بتكره تريكة و بتحقد عليه لأنك زملكاوي و لسه محروق من اللي كان بيعمله فيكم!)… أقر وأعترف بأنني عاشق ومتيم باللاعب المبدع الخلوق محمد أبو تريكة الذي طالما أمتعني بأدائه الرائع وأسعدني بأهدافه الحاسمة التي حققت بطولات عديدة لمنتخب بلادي، أنا لست زملكاوياً بل برشلوناوي الهوية ميساوي الهوى.
2- (تريكة طول عمره إنسان طيب ومتدين و مش ممكن يعمل حاجة تضر مصر)… أتفق تماما مع هذا الكلام، لكن أليس من الممكن أن يكون البعض قد استغل طيبتة وورّطه دون علمه في تمويلات مشبوهة لعمليات إجرامية بإسم الدين؟ إذا ثبت ذلك فهو مدان أما اذا تحقق العكس -كما أتمني- فإنه بريء ويجب علينا جميعا الاعتذار له.
3- (التحقيقات كلها مزورة والتهمة ملفقة عقاباً له على توجهاتة السياسية).. كيف لجهات التحقيق أن تجرؤ على توجيه اتهام صريح لشخص بهذه الشهرة والشعبية دون أن تمتلك أدلة دامغة ضده؟ اذا كانت التهمة ملفقة بسبب شبهة انتمائه للجماعة المحظورة فلماذا لم يتم التعامل بالمثل مع أسماء أخرى كثيرة معروف عنها نفس التوجه؟
4- (ينفع يعني يتحفظوا على أمواله هو ويسيبوا الحرامية الكبار يتمتعوا باللي سرقوه؟)… طبعاً ماينفعش والمطلوب هو تطبيق نفس المعايير على الجميع دون استثناءات، واضعين في الاعتبار أن قواعد العدالة تحتم اللجوء للقانون الذي يلزم النيابة بتقديم دلائل و براهين قوية إذا ما أرادت توجيه اتهام أو اتخاذ إجراء عقابي ضد أي مواطن.
5- (تريكة خط أحمر لأنه ياما خدم المنتخب وفرح الشعب)… لا أحد ينكر إنجازاتة الرياضية التي نال عنها شهرة وثروة يستحقهما عن جدارة لكن ماذا عن جنودنا الذين يتعرضون يومياً للموت دفاعاً عن الوطن مقابل جنيهات قليلة دون أن يعلم عنهم أحد شيئا؟ ألا ترى معي أنهم هم من يستحقون أن يكونوا خطا أحمر وأصفر و كل الألوان معا؟
6- (مافيش دولة محترمة بتعامل أبطالها بالشكل ده)… لا يا سيدي فيه كتير ومنهم الأرجنتين التي حاكمت مارادونا بسبب تعاطي المخدرات والتعدي علي الصحفيين، وايطاليا التي سجنت نجمها باولو روسي لتورطه في التلاعب بنتائج المباريات وكذلك اسبانيا التي تحقق حاليا مع الأسطورة ليو ميسي في قضية التهرب الضريبي.
7- (ليه ما يعلنوش المعلومات و الأدلة اللي ضده علشان نتأكد من الحقيقة؟)… أوافق بشدة على هذا الطلب المشروع الذي سيجبر الجهات المسؤولة على الالتزام بالشفافية و المصداقية أمام الرأي العام، لكنني سأطالب في الوقت نفسه بأن يعلن تريكة بوضوح عن رأيه في العمليات الإرهابية الحالية حتى تكتمل الصورة أمام الجميع.
قبل أن أغادر الكافيه ذهبت إلى نفس الجرسون ووضعت الجريدة بين يديه قائلا: (على فكرة أنا اللي كتبت المقالة دي، ياريت تقرأها الأول قبل ما تحكم)، ثم اتجهت إلى الباب وسط نظراته الغاضبة التي تهتف بكل وضوح: ما أشوفش وشك هنا تاني!