بينما أتصفح صفحتي الفيسبوكية المملؤة دون إرادة مني بكل ما لا يعنيني من قريب أو من بعيد، تعثرت بمنشور مقتضب كتبته فتاة تعلن فيه عن رغبتها في إلغاء اليوم العالمي للمرأة، و لا ترى أي جدوى من أن يتذكرنا العالم يوم واحد في العام، لا يمكنني أبداً إنكار شرودي أمام ما كتبت، توقفت قليلاً أمام تلك الحروف المؤنثة بينما بدأت الأصوات بداخلي تعلو وتتقافز، أصوات كل النساء اللاتي أحملهن في حشاي، كل تفاصيلهن التي نبتت فيها تفاصيلي قبل ثلاثين عاماً كاملة، كل رغباتهن الممزوجة بهن وبي، صارت الأسئلة تطفو فوق سطح أنوثتي حتى فاضت، وتساءلت، كيف لي أن أحقق هذه الأمنية الأنثوية البائسة؟ فالأمنيات ليست مجرد كلمات يتلقفها الأثير فتصير حقيقة، خاصة لو كانت أمنية مؤنثة، ففي هذه الحالة يحتاج الأمر إلى الكثير من الجهد المصحوب بنوع من المعجزة، لكننا لم نعد في زمن يليق بالمعجزات كي نحلم بحدوثها، واصلت شرودي و أغمضت عينىّ وقلت: ماذا لو وجدت مصباحاً سحرياً يحتفظ في حشاه بجنية “أنثى” على سبيل التغيير؟ فكل المصابيح السحرية التي قرأنا و سمعنا عنها تحمل في حشاها جني “ذكر”، وهو أمر ممل ورتيب حد القتامة، ماذا لو كانت “جنية” تخرج من المصباح فور نفض غبار أربعة عشر قرناً من الزمان، ماذا لو توقفت النساء عن التسليم بفكرة أن من سيحقق الحلم و الأمنية عليه أن يكون ذكرا، ماذا لو كانت أنثى: شبيك لبيك كل الأماني المؤنثة بين يديكي فأيها تشتهين؟؟؟
هل يمكن أن أطلب منكِ إلغاء اليوم العالمي للمرأة، هل يبدو طلباً ساذجاً، دعيني أشرح لكِ: المرأة ليست في حاجة إلى يوم حتى يتذكرها العالم، المرأة في حاجة إلى كل الأيام، فماذا لو قلبنا الوضع بحركة سحرية ماكرة وجعلنا العالم ينساها يوما واحدا، ويتذكرها باقي الأيام، بدلاً من أن يتذكرها يوما واحدا وينساها ويقهرها باقي الأيام؟ هل سيضير المرأة يوم واحد من العوز والقهر والنسيان في الوقت الذي ستنعم فيه في باقي الأيام بالدعم والحب والورد و الكلمات الرقيقة و المنشورات الإفتراضية التي تذكر و تتذكر معاناتها و عظمة دورها، وكيف أنها مُقدرة و محبوبة من المجتمع الذى تعود أن يرفضها و يلفظها لعقود طويلة عانت فيها من شح العدل والمساواة؟
انتِ رحتى فين ؟
لا يوجد سوى بضعة كلمات تخرج من فم المصباح بصوت ضعيف: كان نفسي أحققلك أمنيتك بس اضطريت أمشي قبل ما “سي جني” يرجع من الشغل ما يلاقينيش، ده غير إني عندي غسيل!!
اقرأ أيضًا: