نقلًا عن جريدة “المقال”
بهذا الجهاز الإدارى للدولة فلا أظن أننا سنقدر على تحولُّ كبير ومهم نحو التقدُّم أو التطورُّ أو حتى نحو إيقاف التدهور.
ليست المشكلة هنا مشكلة موظفين وحشِين ولا مشكلة تشريعات غبيةَّ.
هى أبعد من ذلك جدًّا، فهى نتاج سنوات من قتل الإبداع فى حياتنا وإجهاض روح المبادرة.
هى نتيجة غياب الخيال وتغييب الفكر وتخدير العقل وتعظيم السمع والطاعة وسيطرة النفاق وتسلطُّ المنافقين وحكم الفرد وتقديس الرئيس ومنهج أحلامك أوامر واربط الحمار مطرح ما عايزه صاحبه وحِش واديِّلُه!
لذلك عندما تعدِّد رؤية مصر عشرين ثلاثين التحديات الأساسية التى تواجه الشفافية وكفاءة المؤسسات الحكومية فإنها إنما تعرىِّ عدم قدرتنا على تنمية أو تقدُّم ما دام العمود الفقرى للبلد على هذه الدرجة من الهشاشة والتحللُّ.
لقد صنفَّت الرؤية التحديات ذات الأولوية الأولى بالعنوان الأهم وهو (تعقدُّ هيكل الجهاز الإدارى للدولة، حيث يعانى الجهاز الإدارى للدولة تضاربًا واضحًا فى الصلاحيات والمسؤوليات نتيجة كثرة عدد الوزارات والمصالح الحكومية والهيئات، وعدم وجود فصل واضح فى الأدوار والمسؤوليات وغياب آليات التنسيق بينها).
فإذا كان هذا تحديًا أساسياًّ فكيف تفكِّر الدولة فى تغيير وزارى لا يضع فى صدارة قرارها حل هذا التعقدُّ؟!
إن الهيكل المعقدَّ لن يحل أبدًا مشكلة بل يزيدها تعقيدًا، هل هذه القاعدة فى حاجة إلى عبقرى كى يقتنع بها؟
ثم تواصل الرؤية شرح التحديات وتشير إلى (ضعف نظم المحاسبة المرتبطة بتحقيق النتائج والأهداف: حيث تتم محاسبة العاملين بالجهاز الإدارى للدولة بناءً على تطبيق العمليات الإجرائية وليس على النتائج وتحقيق الأهداف مما يرسخ من البيروقراطية).
ياه، ما إنتم عارفين أهو؟
ليس هذا فقط بل خُذ عندك هذا التحدّى أيضًا: (عدم تطبيق أنظمة فعالة لإدارة الموارد البشرية: حيث تتسم إدارات شؤون العاملين فى كل الجهات الحكومية بعدم الفاعلية وغياب مفهوم تنمية الموارد البشرية، مما يؤثرِّ سلبًا على كفاءة العاملين ويؤدى إلى عزوف الكفاءات عن العمل بالجهاز الإدارى للدولة، كما أن نظام التعيين لا يصلح لجذب أصحاب المهارات).
وهل بعد ذلك تشكون من الموظفين؟ بعد هذا الغياب المتعمّد المذهل لإدارة حقيقية رشيدة للموارد البشرية نلعن فى الموارد البشرية ونرميهم بأقذع التهُّم؟
طيب، وخُذ عندك أيضًا: (قلةّ الاهتمام بتطوير نُظم التخطيط والمتابعة: حيث تعانى إدارات التخطيط داخل المؤسسات الحكومية تراجعًا فى دورها نتيجة تراجع الاهتمام بتطوير التخطيط والمتابعة لفترات طويلة، والاعتقاد الخاطئ بارتباط التخطيط بالنظُّم الاشتراكية وعدم ملاءمته لنظام اقتصاد السوق).
لا خطط ولا تخطيط إذن.
.