مكتبة مؤمن المحمدي (5) أبواب وحيد .. الجنس بديل الخيبة

فيه ناس قابلتهم في حياتي، وحسيت إني لو مكنتش قابلتهم كان هـ يفوتني حاجات كتير، منهم وحيد الطويلة.

مؤمن المحمدي
مؤمن المحمدي

تركيبة الطويلة هي المزيج الأقرب لـ ذائقتي في المثقفين: حكاء بارع، لا ينقطع عن الحكي الممتع من أول ما تشوفه، لـ حد ما تفترقوا، حكايات من كل شكل ولون، عن كل حاجة في الحياة، ومش مهم الحكاية عن إيه، المهم طريقته في السرد.

فوق ده، سميع من الطراز الرفيع، يحتفظ بـ تسجيلات نادرة منها لحن لـ أبيات امرؤ القيس الشهيرة: مكر مفر مقبل مدبر معًا، لـ حد دلوقتي مش عايز يباصيهولي، مكتفيا بـ إنه يغنيه، وبعدين سميع لـ كله: أغاني، تواشيح، ابتهالات، تجويد القرآن، أيام ما كان مجودي القرآن نجوم.

ثم إن الطويلة من النادرين اللي قابلتهم، اللي بـ يجيدوا كل اللهجات العربية تقريبا، هو أساسا مصري من كفر الشيخ، بس عادي بـ يتكلم شامي، عراقي، تونسي كـ إنه شامي أو عراقي أو تونسي، والأخيرة دي هي مدخلنا لـ الرواية.

أقام وحيد الطويلة كتير في تونس، وفيها بـ تدور أحداث روايته البديعة “باب الليل”، اللي صدر منها عدة طبعات، وخدت جايزة ساويرس مؤخرا.

الرواية طويلة نسبيا، ومع ذلك أهم ميزة فيها هو الإيقاع الموزون، عارف الإيقاع مش جي من تسارع الأحداث، لكن من الجملة، كل جمل الرواية قصيرة، شاعرية، تكاد كل جملة تكون سطر شعري منفصل من قصيدة حرة، والرواية كلها ممكن تكون قصيدة طويلة طويلة.

الرواية 15 فصل، كل فصل اسمه “باب الـ ….”، باب البنات، باب النار، باب العسل، وهكذا، والفصول أو الأبواب منفصلة متصلة، بحيث ينفع تقرا أي فصل لـ وحده، ومع ذلك ليها وحدة متكاملة، وحدوتة واضحة، وليها “موضوع” محدد، بـ أشوف الموضوع ده هو العنوان: “الجنس بديل الخيبة”.

لما قريت الرواية، افتكرت على طول الله يرحمه أحمد مهران، وده حدوتة طويلة، له مقال لـ وحده. مهران كان قهوجي “أفتر إيت” (القهوة مش البار)، وكان بـ يسمي بنات الليل: “جماعة النفط مقابل الغذاء”. التسمية دي على قد ما كانت إيفيه ضحكنا عليه جامد، على قد ما كانت تلخيص لـ حاجات كتير أوي، الحاجات دي كلها، هـ تلاقيها في رواية باب الليل.

في الرواية، هـ نلاقي مجموعتين من البشر بـ يتقابلوا على مائدة الجنس، الرابط بين الاتنين هو “النضال” والخيبة في النضال ده، مع اختلاف شااااسع بين مفهوم النضال عند كل مجموعة. والمكان الأساسي اللي بـ يتقابلوا فيه، هو قهوة اسمها “لمة الأحباب”.

في “لمة الأحباب” لـ صاحبتها ومديرتها، ومديرة أشياء أخرى “درة”، بـ يتقابل مجموعة من الفلسطينيين، اللي عندهم تاريخ من النضال، لكن فيه انقطاع عن التاريخ ده، هم في مرحلة ما بعد “أوسلو” مستنيين تقرير مصيرهم، اللي مش بـ يحصل، زيهم زي الأرض اللي كانوا بـ يناضلوا علشانها.

في المقابل فيه مجموعة من الستات، عندهم برضه تاريخ من النضال، بس نضال الحياة اليومية، من أجل إنجاح علاقة مهنية أو زوجية أو حتى عاطفية، بس هم كمان منقطعين عن النضال ده، بـ سبب الفشل في ده أو ده أو ده أو كل ده، فـ يتحولوا إلى هدف لـ جمع الفلوس، اللي بـ تيجي من غير متعة، وتتصرف من غير استمتاع.

خيبة دول، بـ تتقابل مع خيبة دول، فـ يدوروا عند بعض على انتصارات صغيرة وقتية، إذا جاز لينا نسميها انتصارات، وكل ده تحت رقابة السلطة الواحدة، سلطة “درة” أو “بن علي”.

الرواية مش مقبضة، بس فيها حالة شجن تشبهنا.

الله يسامحك يا عم وحيد..

الصفحة الرسمية للكاتب مؤمن المحمدي من هنـــا

اقـرأ أيضـاً:

مكتبة مؤمن المحمدي (4) مفصل جواد علي

مؤمن المحمدي يكتب: بالمناسبة (23) من محمد صديق لـ جمال عبد الحميد

مؤمن المحمدي يكتب: بالمناسبة (22) بورسعيد الحبيبة

مؤمن المحمدي يكتب: بالمناسبة (21) ومفيش أسبانيا 

مكتبة مؤمن المحمدي (3) الأكاسيا .. الحكاية وما فيها

مكتبة مؤمن المحمدي (2) أيام الديسك والميكروباص

مكتبة مؤمن المحمدي (1) حمدي والغسيل

مؤمن المحمدي يكتب: بالمناسبة (20) 2005 أرقام غير قابلة للكسر

.

تابعونا علي الفيس بوك من هنا

تابعونا علي تويتر من هنا